آخر تحديث :الأربعاء-16 أبريل 2025-03:28م

اخبار وتقارير


تحليل أمريكي : تآكل قوة ردع إيران يضعها على مفترق طرق

تحليل أمريكي : تآكل قوة ردع إيران يضعها على مفترق طرق

السبت - 12 أبريل 2025 - 09:25 م بتوقيت عدن

- ((المرصد))وكالات:

خلال العام الماضي تآكلت قدرة إيران على ردع إسرائيل التي أطلقت العنان لقدراتها العسكرية والسرية ضد طهران، مما وضع نظام الحكم الإيراني أمام خيارين إما المخاطرة بكل شيء مقابل الحصول على الأسلحة النووية أو وضع نفسه تحت رحمة تل أبيب وواشنطن، بحسب جون ألين جاي المحلل السياسي والمدير التنفيذي لجمعية جون كوينسي آدمز لدارسي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

أضلاع ترسانة إيران الواهية

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قال جاي إن قوة الردع الإيرانية كانت تبدو كافية حتى قبل أبريل/نيسان الماضي من العام الماضي حيث كانت تمتلك منصة رباعية الأضلاع للرد على التهديدات الإسرائيلية والأمريكية.

أول هذه الأضلاع هو ترسانة الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة التابعة للقوة الجوية للحرس الثوري الإيراني والتي كانت جاهزة لقصف أي مكان في المنطقة. وقد تم استخدام هذه الترسانة للرد على اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني في عام 2020 وضرب عناصر تنظيم داعش في سوريا والقيام بهجمات أقل شهرة ضد الانفصاليين الأكراد وما قيل إنها المقار الآمنة للمخابرات الإسرائيلية في إقليم كردستان العراق.

أما الضلع الثاني فهو شبكة الجماعات المسلحة التابعة لها في الشرق الأوسط ومنها جماعة الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني ومجموعات من المتطوعين الشيعة من أفغانستان وباكستان، والجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا.

أما الضلع الثالث فيتمثل في العمليات السرية والإرهابية، حيث تستطيع إيران من خلال أجهزة مخابراتها وأحيانا بالتعاون مع حزب الله تفجير مبان واغتيال شخصيات معادية في مختلف أنحاء العالم. على سبيل المثال رد حزب الله على اغتيال إسرائيل لزعيمه الراحل عباس موسوي عام 1992 بتفجير سفارتها في بيونس أيرس.

وأخيرًا الضلع الرابع المتمثل في قدرتها على وقف حركة إمدادات النفط الخام من منطقة الخليج العربي إلى أسواق العالم عبر مضيق هرمز الذي يمر منه نحو خمس إمدادات النفط العالمية وخمس إمدادات الغاز الطبيعي المسال. لذلك تهدد إيران باستمرار بإغلاق المضيق ردا على أي هجوم يستهدف أراضيها. وتمتلك إيران قوة بحرية وصاروخية قادرة على تحقيق هذا الهدف بالفعل

اهتمامات واشنطن والردع الإيراني

وحسب التحليل، فان اهتمامات امريكا وفر لإيران ردعا معقولا. فالولايات المتحدة، المهتمة بالصين وأوكرانيا أكثر من أي حرب أخرى في الشرق الأوسط، لم تضرب إيران مباشرة (باستثناء اغتيال قاسم سليماني، وحتى ذلك حدث في العراق وليس إيران). كما استخدمت واشنطن أحيانا قوة محدودة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا. و لم تكن الولايات المتحدة متعطشة لخوض معركة كبيرة ضد وكلاء إيران، وبالتأكيد ليس ضد إيران نفسها.

في الوقت نفسه كان الردع الإيراني في مواجهة إسرائيل، جزئيا. فقد حولت إسرائيل سوريا إلى ساحة معركة، وضربت خطوط الإمداد الإيرانية لحزب الله مئات المرات فيما يسمى “حرب ما بين الحروب”. كما أحبطت أجهزة الأمن الإسرائيلية العمليات السرية الإيرانية مرارا وتكرارا. ونفذت المخابرات الإسرائيلية العديد من العمليات الناجحة داخل إيران، مما ساهم في عرقلة البرنامج النووي الإيراني، لكنها لم تنجح في إيقافه تماما. كما لم تستطع ضرب إيران علنا، ولا قصف البرنامج النووي بسبب مزيج من قوة تحصين الأهداف النووية الإيرانية، والمخاوف من رد فعل طهران، والخوف من إغضاب الولايات المتحدة.

تدمير منظومة الرد الإيرانية

لكن عام 2024 شهد تدمير جزء كبير من منظومة الردع الإيرانية، حيث حطمت الضربات الإسرائيلية العديد من دعائم الردع الإيراني. وبنفس القدر من الأهمية، ازداد استعداد إسرائيل للمخاطرة بشكل كبير، فقصفت منشأة قنصلية إيرانية في دمشق، واغتالت زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، وشنت سلسلة من الهجمات على قيادات حزب الله، بما في ذلك اغتيال زعيمه حسن نصر الله ثم خليفته المحتمل، واغتيال ثلاثة جنرالات من الحرس الثوري الإيراني وهو ما جعل إيران تبدو الآن في وضع هش للغاية.

ويقول جاي إنه في الوقت نفسه لا تبدو قدرة الحرس الثوري الإيراني في الردع كما كانت في السابق. فالهجوم على إسرائيل بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة تحت اسم “الوعد الحق” في أبريل/نيسان 2024 لم يؤد إلا إلى أضرار بسيطة حيث نجحت إسرائيل وحلفاؤها في اعتراض أغلب هذه الصواريخ والطائرات المسيرة، مما استدعى قيام طهران بهجوم ثان باسم الوعد الحق2 باستخدام الصواريخ الباليستية، والتي لم تسفر إلا عن مقتل فلسطيني في الضفة الغربية الفلسطينية عن طريق الخطأ. في الوقت نفسه لم تنجح عملية الوعد الحق الأولى والثانية في منع إسرائيل من استهداف حزب الله اللبناني وأهداف إيرانية في سوريا على مدار العام الماضي.

مساهمة حوثية محدودة
كما تآكلت قوة ردع وكلاء إيران في المنطقة. ففي حين نجح الحوثيون في مواجهة الولايات المتحدة وجها لوجه لأشهر، كانت مساهمتهم في الحرب ضد إسرائيل محدودة – حتى حملتهم ضد حركة الملاحة البحرية المتجهة إلى إسرائيل لم تؤد إلا إلى زيادة طفيفة في الأسعار داخل إسرائيل.

في الوقت نفسه فقدت إيران قوة الردع التي ظل حزب الله اللبناني يمثلها طوال السنوات الماضية بعد أن خسر الجزء الأكبر من قوته في حربه الأخيرة مع إسرائيل. وفي حين خرج حسن نصر الله من حربه ضد إسرائيل في صيف 2006 بطلا منتصرا، فقد خرج من الحرب الأخيرة مقتولا بقصف إسرائيل لمقره في العاصمة اللبنانية بيروت. وتقول إسرائيل إنها دمرت 30% من قدرات حزب الله الصاروخية. كما أن انهيار نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، جعل محاولات إيران إمداد حزب الله بالأسلحة بالغة الصعوبة.

ادوات إيرانية غير مجدية

أخيرا فإن أدوات إيران القديمة للتعامل مع التهديدات الأمريكية والإسرائيلية لم تعد مجدية ولا قادرة على ردع واشنطن وإسرائيل عن مهاجمتها، كما كان الحال قبل أكثر من عام. لذلك لم يعد أمام نظام الحكم الإيراني سوى المخاطرة بتجاهل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإسرائيل والمضي قدما في برنامجها النووي على أمل الحصول على القنبلة النووية قبل مهاجمة أراضيها أو القبول بالحل الدبلوماسي الذي ينطوي على التنازل عن الحلم النووي ولو إلى حين.