آخر تحديث :الأربعاء-16 أبريل 2025-04:14م

اخبار وتقارير


بين حسابات الأرض والهيبة.. اليمن ساحة اختبار استراتيجية

بين حسابات الأرض والهيبة.. اليمن ساحة اختبار استراتيجية

الأربعاء - 09 أبريل 2025 - 01:41 م بتوقيت عدن

- المرصد /متابعات


مع تصاعد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وتزايد الضغط السياسي والعسكري على الولايات المتحدة لحماية ممرات الملاحة الدولية، تعود إلى الواجهة تساؤلات ملحّة: هل تفكر واشنطن وتحديداً دونالد ترامب في تنفيذ هجوم بري ضد جماعة الحوثي في اليمن؟ وهل يملك ترامب فعلاً، الإرادة والقدرة على الذهاب إلى هذا الخيار الذي يعتبر من أعقد وأخطر السيناريوهات العسكرية في المنطقة؟


الضربات الجوية... فعالة تكتيكياً، محدودة استراتيجياً

التقييمات العسكرية الأميركية التي نشرتها شبكة "سي إن إن" مؤخراً كانت صريحة: الضربات الجوية المكثفة ضد الحوثيين، وعلى الرغم من تصاعدها وسقوط قيادات بارزة خلالها، لم تنجح في وقف التهديد الحوثي المستمر للملاحة الدولية. بل إن الجماعة لا تزال قادرة على استهداف السفن الأميركية بشكل دوري، وتستمر في إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.

هذه المعطيات دفعت الإدارة الأميركية لطرح خيارات أوسع على الطاولة، من بينها وفق ما نقلته الشبكة احتمال تنفيذ هجوم بري على معاقل الحوثيين في شمال وغرب اليمن، بدعم لوجستي وعسكري أميركي.

أميركا تسعى لاستعادة دورها العالمي

لفهم هذا التحول ، يقدم الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، عبد الملك اليوسفي، تحليلاً عميقاً للدوافع الأميركية. خلال حديثه الى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، حيث أكد اليوسفي أن الخطاب السياسي والعسكري لإدارة ترامب، خلال تعليقات ترامب الأخيرة، يشير إلى ما أسماه "معركة استعادة الهيبة".

وقال اليوسفي:"منذ 15 مارس، مع انخراط الولايات المتحدة في العمليات ضد الحوثيين، كانت كل التعبيرات السياسية والعسكرية تشير إلى رغبة أمريكية في استعادة الهيبة. تصريحات ترامب ومستشاريه كانت واضحة بأن إدارة بايدن كانت 'كثيرة للشفقة'، ولذلك فإن أميركا اليوم تريد أن تعود كقائد وشرطي للعالم."

لكن استعادة الهيبة وحدها لا تكفي، بحسب اليوسفي، الذي يشير إلى أن الضربات الجوية – رغم نجاحها التكتيكي – لم تحقق اختراقاً استراتيجياً، قائلاً: "يجب أن نكون واضحين: الضربات فشلت في وقف هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية".

العملية البرية: السيناريو المعقد والمحفوف بالمخاطر

هل يعني ذلك أن الخيار البري بات مرجحاً؟ يجيب اليوسفي ، قائلاً إن السيناريوهات ما زالت مفتوحة، لكن العملية البرية تحتاج إلى "نضج سياسي واستخباراتي لم يتحقق بعد".

وتابع: "الدخول في معركة برية يتطلب تفاهمات مع دول يمنية وإقليمية، وتقديم تنازلات وضمانات أميركية. العملية البرية ليست فقط معركة عسكرية، بل معركة كسر العظم وشراكة سياسية على الأرض".

ويضيف أن الدولة اليمنية تمتلك من القدرات البشرية والعسكرية والحاضنة الشعبية ما يكفي لتنفيذ مثل هذه العملية، بشرط وجود توافق استراتيجي واضح بين واشنطن والقوى اليمنية والإقليمية.

تعزيزات عسكرية... وإشارات تصعيد

لكن اليوسفي لم يغفل عن الإشارات الأميركية الواضحة التي قد تمهد لمثل هذا الخيار. فقد أشار إلى نشر الولايات المتحدة لطائرات B-2 سبيريت في جزيرة دييغو غارسيا، وهي طائرات استراتيجية لا تملك واشنطن سوى 21 منها، وقد أُرسل منها 6 إلى المنطقة أي نحو ثلث قوتها من هذا الطراز.

وأوضح: "هذه التحركات ليست روتينية... بل مؤشرات على أن أمريكا تفتح كل الخيارات، وأن السيناريو العسكري الأوسع – بما فيه البري – لم يعد مستبعداً".

دونالد ترامب... رجل المفاجآت

الحديث عن عملية برية أميركية يتقاطع بشكل مباشر مع شخصية دونالد ترامب نفسه. فرئيس يظهر تعبيرات مثل "سحق الحوثي" و"القضاء عليه"، هو رئيس لا يتردد في اتخاذ قرارات حاسمة ومثيرة للجدل.

لكن يبقى السؤال: هل ترامب مستعد فعلاً للذهاب إلى مغامرة عسكرية واسعة في اليمن، في ظل تعقيدات المشهد الداخلي الأميركي، واقتراب الانتخابات الرئاسية؟

تشير المعطيات إلى أن الخيار البري لا يزال مطروحاً لكنه غير ناضج بعد، كما قال عبد الملك اليوسفي. فالدوافع السياسية موجودة، والرغبة الأميركية في "استعادة الهيبة" تتزايد، والقدرات العسكرية الأميركية تؤكد استعداداً متقدماً، لكن الحسابات الإقليمية المعقدة، والحاجة لتفاهمات واسعة، لا تزال تعيق اتخاذ قرار من هذا النوع.

وبينما تبقى "الحرب الكبرى" مؤجلة، فإن الأشهر القادمة قد تحمل مفاجآت، خصوصاً إذا ما تزايدت التهديدات الحوثية، وازدادت الضغوط على المرشحين الرئاسيين الأميركيين لإثبات الحزم والقوة في السياسة الخارجية.