آخر تحديث :الإثنين-10 مارس 2025-02:57ص

مقالات

ماذا بعد مجزرة الساحل العلوي:
الدلالات والمخاطر المستقبلية للكرد والدروز والإدارة الذاتية

الدلالات والمخاطر المستقبلية للكرد والدروز والإدارة الذاتية

الأحد - 09 مارس 2025 - 11:35 م بتوقيت عدن

- كتب يونس بهرام





الهجوم الذي استهدف قرى الساحل السوري لم يكن مجرد معركة بين فصائل معارضة والنظام، بل كان جريمة منظمة ذات طابع طائفي واضح. طريقة تنفيذ المجزرة، وتصريحات القتلة، والتباهي العلني بها أمام الكاميرات، تؤكد أنها لم تكن استهدافًا عسكريًا بقدر ما كانت عملية إبادة متعمدة ضد العلويين، ما يضع الأقليات الأخرى، مثل الكرد والدروز، أمام خطر مشابه في المستقبل.
ما حدث في الساحل يعكس واقعًا أوسع في سوريا، حيث لم تعد هناك للدولة السورية، جيشا و لامؤسسة، قادرة على فرض سلطتها، بل باتت البلاد ساحة تتنازعها فصائل مسلحة متعددة، تابعة لمخابرات إقليمية، وتنشط خارج أي إطار قانوني أو عسكري منظم.

الرسائل المستخلصة للكرد والإدارة الذاتية

1. التهديد واحد، والاستعداد ضرورة
* الفصائل التي نفذت المجزرة في الساحل هي نفسها التي تهاجم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على جبهات مثل سد الشهداء وجسر قره قوزاق.
* أي اعتقاد بأن هذه الفصائل لن توجه سلاحها لاحقًا نحو المناطق الكردية هو وهم خطير.
* لذلك، يجب رفع مستوى الجاهزية العسكرية وتعزيز العمل الاستخباراتي الاستباقي.

2. دمشق ليست ضمانة للحماية
* النظام السوري لم يستطع حماية مناطقه، بما فيها الساحل، رغم أنها تعد من أكثر المناطق تحصينًا أمنيًا.
* التحالف مع دمشق، دون وجود قوة ذاتية قوية، لن يحمي الكرد ولا أي مكون آخر، لأن النظام نفسه مخترق وعاجز عن مواجهة التهديدات الإقليمية والفصائلية.
* لذلك، لا بد من استراتيجيات مستقلة تعتمد على تعزيز قوة الإدارة الذاتية داخليًا وخارجيًا.
3. ضرورة تعزيز التحالفات مع الأقليات الأخرى
* المجزرة الأخيرة كشفت أن الفصائل المتطرفة لا تستهدف النظام بقدر استهدافها لمكونات بعينها.
* هذا يضع الدروز، والكرد، والمسيحيين، والعلويين، وبعض العشائر العربية، في دائرة الاستهداف مستقبلاً.
* بناء تحالفات بين هذه المكونات يمكن أن يكون سدًا منيعًا أمام مشاريع الإبادة والتهجير.
4. تعزيز الدبلوماسية والاعتراف الدولي
* الهجوم الوحشي على الساحل يعزز موقف الإدارة الذاتية أمام المجتمع الدولي، خاصة أنها الجهة الوحيدة التي تقدم نموذجًا للحكم المستقر في سوريا.
* يجب استثمار هذه اللحظة سياسيًا عبر تكثيف الجهود لانتزاع اعتراف أوسع بالإدارة الذاتية، وتحقيق حماية دولية ضد الفصائل المتطرفة.
* الضغط على القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، لضمان استمرار الدعم العسكري والسياسي لمنع تكرار مثل هذه المجازر في مناطق أخرى.
مأزق الجولاني بين الداخل والخارج
* أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا)، في وضع حرج بعد هذه المجزرة.
* إذا حاول معاقبة الفصائل المسؤولة عنها، فسيواجه تمردًا داخليًا يهدد حكمه.
* وإذا لم يفعل، فسيزيد الضغط الدولي عليه، وستظل العقوبات وعدم الاعتراف به عقبة أمام مشروعه السياسي.
* في كلتا الحالتين، يبقى مستقبل الشمال الغربي مجهولًا، مع ارتفاع احتمال الفوضى والصراعات بين الفصائل نفسها.

هل يمكن أن تتكرر المجازر في مناطق أخرى؟
* نعم، إذا بقيت هذه الفصائل دون عقاب، فمن المحتمل أن تكرر جرائمها في أماكن أخرى، سواء في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية أو حتى في السويداء والمناطق العشائرية.
* الفوضى الأمنية الحالية، مع غياب سلطة مركزية، توفر بيئة مثالية لتكرار مثل هذه العمليات، خاصة أن الفصائل المسلحة تتلقى دعمًا إقليميًا يجعلها غير خاضعة للمساءلة.
ماذا يجب أن يحدث الآن؟
* على الإدارة الذاتية أن تأخذ مجزرة الساحل كنموذج لما قد يحدث في مناطقها إذا لم تُتخذ الاحتياطات اللازمة.
* لا بد من تعزيز الدفاعات الأمنية والعسكرية، والاستعداد لمواجهة أي هجوم مستقبلي.
* يجب على الكرد والدروز والأقليات الأخرى تنسيق الجهود وبناء تحالفات لحماية أنفسهم من التهديد المشترك.
* استثمار هذه اللحظة دبلوماسيًا للضغط على المجتمع الدولي للاعتراف بالإدارة الذاتية وفرض عقوبات مشددة على الفصائل المتطرفة.
إذا لم يتم التحرك الآن، فقد تكون المجازر القادمة أكثر دموية، ولن يكون هناك أحد في مأمن من الفوضى التي ترعاها المخابرات الإقليمية والفصائل التابعة لها.