أفاد تقرير استخباراتي غربي بأن هزائم الحوثي في اليمن دفعت إيران للتدخل المباشر، خاصة عقب مقتل أربعة وأربعين عنصرا من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الحرب الأهلية باليمن، استنادا إلى تحليل محررين للأخبار اليمنية والخليجية والعربية.
وبعيدا عن بعض البيانات الغامضة، لم تعلق إيران وحزب الله علنا على عملياتهما العسكرية أو خسائرهما في اليمن. وهذا التباين الملحوظ كشف في مجموعة من البيانات الصحفية التي رصدت تلك التفاصيل الناجمة عن خسائر المعركة في العراق وسوريا.
القاعدة الاستراتيجية الإيرانية للدخول في اليمن:
الدعم الإيراني للحوثيين هو جزء من استراتيجية تطويق إيران لشبه الجزيرة العربية التي تستخدم فيها الدعم السري للجماعات الشيعية، وتسعى إلى خلق تمرد و غرس البذور السيئة في هذا التمرد التي يمكن أن تحل محل الأنظمة السنية لصالح الأنظمة الموالية لطهران.
كما يحول عدم الاستقرار الناتج عن ذلك انتباه دول الخليج والدول الغربية بعيدا عن التعامل مع إيران مباشرة.
وعلى مدى العامين الماضيين، قدمت إيران التدريب والدعم للخلايا الإرهابية التي تهدف إلى اغتيال المسؤولين الحكوميين وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الرئيسية في الكويت والإمارات العربية المتحدة.. كما أن عمليات اعتقال الخلايا المدعومة من إيران في البحرين آخذة في الارتفاع.
في اليمن، عرف المقاتلون الحوثيون تقليدياً بانهم أرخص استثمارا وقيمة، وهذا سيؤدي إلى عوائد عالية الثمن لإيران، ولكن يبدو أن هذا الحساب لم يكن كما ينبغي.
في بداية الحرب الأهلية في شمال اليمن (حروب صعدة)، تجنب الخبراء الإيرانيون وحزب الله الارتباطات المباشرة في الحرب وركزوا على عمل برامج التدريب والتجهيز للحوثيين.. وسمحوا بفتح معسكرات التدريب المشتركة بين الحرس الثوري وحزب الله، وعملت المجموعتان على وضع بصمة صغيرة وتقليل الخسائر في ساحات المعركة باليمن مع تزايد التزامات القوة الإيرانية في الصراعين السوري والعراقي.
الاصطدام بجدار الجنوب
بعد الانهيار المفاجئ للجيش اليمني في سبتمبر 2014، واجتياح مليشيات الحوثي للشمال وتوجهها لاحقا صوب الجنوب، جرى تشكيل تحالفات سياسية وعسكرية للمقاومة في الجنوب والتي دافعت عن هذه الأراضي وأوقعت أول خسائر لحزب الله في الأشهر التي سبقت تدخل التحالف السعودي في اليمن في مارس 2015.
في 8 مارس 2015، أعلن أحد قادة حزب الله مقتل ثمانية من مقاتليه في اليمن. وبعد ثلاثة أسابيع، قبضت عناصر المقاومة الجنوبية على ثلاثة من ضباط الحرس الثوري الإيراني وخبير واحد من حزب الله يقاتلون جنبا إلى جنب مع الحوثيين في المحافظتين الجنوبية والشرقية (عدن وشبوة).
كما أن خبراء عسكريين إيرانيين ومن حزب الله ومعهم حوثيون يقتلون الآن ويعتقلون بأعداد متزايدة في اليمن حيث فقدوا مؤخرا 15 خبيرا وضباطا في سلسلة من الضربات الجوية، وهي خسارة كبيرة بالمقارنة مع خسائر ايران في كل من سوريا والعراق، وارتفاع عدد القتلى يدل على زيادة خسائر ايران البشرية وحزب الله في شبه الجزيرة العربية.
برامج الحرس الثوري الإيراني في اليمن
بلغ عدد القتلى بصفوف الحرس الثوري الإيراني في اليمن العام الماضي أكثر من ضعف عددهم هذا العام، وفي فبراير الماضي ضربت الغارات الجوية للتحالف السعودي خمسة خبراء من الحرس الثوري الإيراني وضابطا من الحرس الثوري الإيراني المعروف باسم "الأفغاني" في محافظة صعدة الشمالية.
وفي مارس، قامت إيران بتجنيد مستشارين أفغان إضافيين من المليشيات الشيعية الأفغانية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في سوريا ونشرتهم لتقديم الدعم العسكري للحوثيين في اليمن.
وكانت محافظة صعدة الشمالية تعتبر بمثابة قاعدة لعمليات الحوثي وإطلاق الصواريخ والمدفعية ضد المملكة العربية السعودية وقوات حكومة الرئيس هادي منذ مايو 2015. كما أنها كانت تشكل بيئة ملائمة لإطلاق العمليات ضد السعودية والاختباء في اماكن غير معروفة.
وفي فبراير 2017، أعلن محافظ صعدة هادي طرشان الوائلي أن عدد خبراء الحرس الثوري الإيراني في المحافظة قد تضاعف.
ويشرف خبراء من الحرس الثوري الإيراني مقيمون في صعدة على تصميم وصيانة وتنفيذ منظومات القذائف، وفقا لمعلومات من القادة الميدانيين الحوثيين الذين تم القبض عليهم.
كما يقومون بتدريس الاستهداف، وقراءة الخرائط، ودورات توجيه الأراضي في الحرس الثوري الإيراني وبرامج تدريب حزب الله في صعدة.
وتعثر القوات السعودية واليمنية بشكل متصاعد على معدات ايرانية الصنع في معاركها مع المقاتلين الحوثيين الذين تم أسرهم في شمال اليمن.
وفي 8 ديسمبر 2016 قبض الجيش اليمني على أبو زهرة، وهو قائد حوثي، في محافظة حجة الشمالية الغربية، وقد حصلت القوات اليمنية على دليل باللغة الفارسية لمعايرة البوصلات الإلكترونية العسكرية المبرمجة مسبقا من وزارة الدفاع الإيرانية.
وأثناء استجوابه بالفيديو، كشف (ابو زهرة) عن إصدار دليل الجيب باللغة الفارسية للحوثيين الذين حضروا دورات الملاحة البرية ودورات قراءة الخرائط في معسكر تدريب إيراني في صنعاء.
ويأتي اكتشاف دليل الجيب العسكري باللغة الفارسية في وقت يتزايد بناء مدارس فارسية جديدة ومراكز ثقافية إيرانية في شمال اليمن.
العمليات اللوجستية والإمداد
تخضع خطوط الإمداد لعمليات إيران في اليمن لضغوط متزايدة. ويشهد التحالف السعودي تقدماً متزايدا في تحطيم امال وطموح ايران وقطع طرق الإمدادات البحرية الإيرانية على طول الساحل الغربي لليمن.
واستولت قوات التحالف على ثلاثة موانئ بالبحر الأحمر واثنين من الأرخبيلات كانت تستخدمها إيران سابقا لتخزين وتهريب الأسلحة إلى أراضي الحوثيين. كما أن موانئ الدخول الإيراني في محافظة الحديدة الغربية تعاني ايضاً بسبب سيطرة قوات التحالف.
وتقوم قوات التحالف اليمنية والسعودية بتعطيل طرق تهريب إيران البرية في شرق اليمن. وتدير إيران شبكة إمدادات بين عمان ومحافظة المهرة شرق اليمن، مع طريق واحد يتعرج شمال غرب شبوة ومحافظة مأرب الشمالية والجنوب الغربي الآخر الذي يمتد بين المهرة ومحافظة شبوة الشرقية.