آخر تحديث :السبت-26 أبريل 2025-01:59م

مقالات


العم علي الكثيري: رمز الإخلاص والقيادة في الجنوب

العم علي الكثيري: رمز الإخلاص والقيادة في الجنوب

الخميس - 24 أبريل 2025 - 08:31 م بتوقيت عدن

- كتب عمر كرامان



منذ نعومة أظافره، تشرب العم علي الكثيري قيم الإخلاص والوفاء لقضيته الجنوبية، فكانت خطواته الأولى على درب النضال الطويل شاهدةً على عزمٍ لا يلين، وقلبٍ ينبض بحبٍّ جارفٍ لتراب الجنوب. إنه ليس مجرد اسمٍ يُذكر في سجلات القادة، بل هو حكاية كفاحٍ تُروى بألقٍ استثنائي، وحضورٌ يُجسّد روح الحضارم الأبية، وصوتٌ يُترجم آمال شعبٍ عانى ليُعانق الحرية.


تدرج الرجل في مراكز القيادة كالشمس التي تصعد بلطفٍ نحو كبد السماء، لا تُبهر بسطوعها فحسب، بل تُدفئ كل من يقترب من أشعتها. من الساحات الجنوبية التي شهدت أولى خطاباته الملتهبة، إلى أروقة المجلس الانتقالي، سلك طريقاً محفوفاً بالتحديات، لكن إرادته -كسيفٍ مصقول- قطعت عبر صخور المستحيل. فلم يكن صعوده مجرد صدفة، بل ثمرة نضالٍ عانق السهاد، وتضحياتٍ نزفت دماءً وعرقاً وأحلاماً.


إنه ابن تاريخٍ عريق، نشأ في أحضان عائلةٍ حملت رايات القيادة منذ الأزل، لكنه اختار أن يكون "ابن الساحات" قبل كل شيء. لم تُغرِه ألقاب الماضي، بل صاغ مجده بيديه: من رجل أعمالٍ إنسانيٍّ حوّل حياته إلى جسرٍ للخير، إلى قائدٍ استثنائيٍّ، أدار شؤون الجنوبيين ببصيرةٍ تَخلط بين حكمة الدبلوماسي وشراسة المحارب. إنه الرجل الذي يعرف متى تُلامس يداه قلوب المحتاجين، ومتى تُمسك بسيف الدفاع عن الأرض.


في عالمٍ يلهث خلف الأضواء، يقف العم علي الكثيري كصخرة تواضعٍ نادرة. فمهما ارتفعت مناصبه، يبقى ذلك الوجه البشوش الذي لا يتردد في مصافحة البسطاء، وتلمس هموم الناس قبل مناصبهم. إنه رجلٌ يبني المجد للجنوبيين، والقائد الذي يرى في كل مواطنٍ شريكًا في الرؤية، لا تابعًا. هكذا يُعيد تعريف العظمة: ليس بالسلطة وحدها، بل بالقلب الذي لا ينفصل عن الجموع.


كيف لا يكون صوت الحضارم مدويًا في المجلس الانتقالي، وهو الذي يحمل في عروقه تراب حضرموت، وتراثها العريق، وألم غيابها عن مقدمة المشهد؟ لقد حوّل قضيته إلى فنٍّ سياسيٍّ راقٍ، حيثُ لا مكان للصراخ الفارغ، بل حوارٌ يعتمد على الحجة، واستراتيجياتٍ تُزهر بالنتائج.إنه ليس مجرد ممثل جغرافي، بل سفيرٌ لثقافةٍ جنوبيةٍ تؤمن بأن التحرير يبدأ بالعقل قبل السلاح.


العم علي الكثيري ليس رجلًا عابرًا في تاريخ الجنوب، بل هو إرثٌ يمشي على قدمين. إنه الشجرة الوارفة التي تُظلّل بجذورها الماضي، وساقها الحاضر، وأغصانها المستقبل. في كل خطوةٍ يخطوها، يُذكرنا أن القيادة الحقيقية تُبنى بالإخلاص لا بالمنصب، وبالعطاء لا بالأخذ. تحيةٌ لابن الساحات الذي حوّل التحديات إلى سلمٍ يصعد عليه وطنه، ولقائدٍ أثبت أن الفخامة الحقيقية تكمن في بساطة الأبطال.