آخر تحديث :الأحد-24 نوفمبر 2024-03:03م

اخبار محلية


بوسرور ملهم في شخصيته الأحترافية في العمل تجلت في الذكاء المتميز.

بوسرور ملهم في شخصيته الأحترافية في العمل تجلت في الذكاء المتميز.

الجمعة - 18 أغسطس 2023 - 02:41 م بتوقيت عدن

- كتب /ماهر عبدالحكيم الحالمي



تُلهمني شخصيّة صديقي أخي بوسرور، عرفتهُ أذكى مسؤول في إدارة التحالف بقوّة الواجب الإماراتي، ذكاء ينبع من جوهر الشخصيّة، قبل أن يكون مسؤولًا واعيًا مكتسبًا وطافيًا في الذهن، حينما كان في قيادة قوّة الواجب الإماراتية بعدن، كانت القيادات اليمنية شمالية و جنوبية يقولون عليه بلهجة اليمنية: بوسرور جني قوي يفهمك من خلال النظر إليكَ، غير أنّي وجدت خصائص في شخصيته لم أرى أثرًا لأي ضابطٌ إماراتيًا يشبههُ إلا الأخ بوعمر والذي سوف أتفرد به بمقال أخرٌ لسرده.

ليس هذا فحسب بل يكاد الأخ بوسرور يكون تجسيداً للروح العسكرية الأمنية، للطباع العالية، يملك عقلٌ متوازن في محيط وظرف فائض بالأختلال.

أتساءل دوًما: من الذي زرع في داخلة تلك الطاقة الحادة والعمل دونما يكل أو يمل، لا أخفي بقول الحقيقة من خلال عملنا المشترك مع الأشقاء الإماراتيين، كثيرًا ما كنتُ أنفر من بعض الأشخاص الضباط العاملين في مجال عملهم، لشخصيتهم المعقدة بعدم الأستيعاب لما يدور وراء الكواليس من خلال الوضع العام، وعدم معرفة و التمييز بين القيادات اليمنية شمالًا وجنوبًا المخلصة في حربها ضد الحوثيين و الإرهاب، والقيادات الغير المخلِصة، تستخدم المنصب لجني المال و الأفساد فقط، ولهذا آراهم يتحولون لأشخاص ميكانيكيين، يصطبغ وعيهم بفكرة واحدة ويختنقون بها، تتسرب طبيعة عملهم إليهم؛ وتضع حدّا لوعيهم بالوجود.

غير أن الأخ بوسرور، ظلّ محتفظ بطباعه الواسعة في أنتقاد أي خطأ لتصحيح العمل وأخذ برأي لأخر الصائب، يمتلك رحابة تُجسد الوعي للمشاركة في العمل لنجاح المهمة، و في أكثر تجلياته جاذبية وبهاء، يتعامل مع الوجود كفكرة حيّة، كمسؤول رهيب يشاركك في النقاش ويرد عليك في أستفسار في الجانب العملي، طالبًا رأيك ليعطيك نوعًا من الأحساس أنكما فريقًا واحدًا لهدف في عمل مشترك أخوة، لا يتميز عنكَ أنهُ من بلد آخر راقي متقدم في الرفاهية و الأرتقاء..

و لطالما لفت أنتباهي كيف يؤثر منصب المرء، على شخصيته، حيث يفقد الإنسان كثير من مزاياه، لدرجة أن جوهر المرء يتعرض لتخريب عميق، فتغدو مكبلًا بأعتبارات سالبة لقواك الحيّة، وبما يؤثر على تفاعلاتكَ مع كل ما هو خارجك، القائد العسكري يستحضر هويته 24 ساعة كعسكري أو أمني، و السياسيّ كذلك، و أي مسؤولًا في أي وزارة جميعهم، يحيّون محملين بهوياتهم الجزئية؛ فتنطمس كل المساحات الحرة في أعماقهم، هنا يبرز الأخ بوسرور كشخصية مضادة، تمكن من تحييد أثر المكانة على الشخصية، أثر المهنة على الجوهر الخصب، أحتفظ بقدرتها على التجاوب الحُرّ مع اليمنيين، وظل صافي ومنطلق كأنه هبطت للتو من أعلى، دونما تلوث بمنظار ثابت، أو الخضوع لتقييمات مرحلة سياسية متوترة.

هذه المزية تحديدًا، تبهرني وتكشف ليّ عمق الوعي الوجودي في طباعه، وعي وجودي أظنّهُ نابع من ذهن يقظ، حيث المعنى نتاج التجربة الواقعية، أكثر من كونه ترسبات من بطون الكتب، هناك بُعد حيّ في شخصيته، قابليته بأخذ الرأي و النقاش المستمر، للنمو العمل بين المرسل والمستقبل، لاتساع الشخصية وفهم، إنّهُ تقيم في تلك المنطقة بين ما هو أنت وما ليس أنت، ما هو هذا الذي ليس أنت..؟ الأخر.

ما يؤكد أستعداده الكامن لازاحة حدوده الذاتية نحو سمة لا نهائية في الشخصية، أرى أن قوة طباعه في خلوّه من التوجسات، لكانه يُجسد هذه القاعدة: هذا الوجود فسحة حُرة لنا أن نحياها كمسؤولين بسطاء وأتينا إلی عدن لخدمة أخواننا، لسنا أفضل منكم، نحن نتعلم منكم، ونحن ضيوف عند أهل الدار.. يعطيك نوعًا ما من البساطه لتحفيزك علی العمل.. لكن في المقابل يخبرك أن حياته ليست ملف أمن قومي؛ كي يحيا متوجسًا من ذاته وذاتك حين تعمل معه، كأن عيون الكون تترقبك، وتبالغ في إحاطتها بالأسوار، حتى لو كنت حاكمًا لهذا الكون، ذلك أن الريبة التي تلازم الشخصيات العامة، تتحول لسمة دائمة في نفوسهم، وتنتهي لتغدو علامة مرضية، أكثر منها حذر طبيعي لصيانة الموقع.

أری أنّي ذهبتُ بعيدًا فيما أردت القول: إنّهُ يحتفظ بتلقائيته الكاملة تجاه الأخر، أظنه الدليل الأبرز ليمازج الذكاء بالبراءة، تعبير عن فاعلية البساطة حين تغدو سمة عميقة لدى شخصية ذو مقام كبير، متخففة من الضغائن، هذه سمة مؤكدة فيه، ويكاد يكون صديق للحجر، روحهُ مفتوحة للعالم حتى وقد بلغ مقامًا رفيعًا في أسلوب تعاملة الراقي، يظل يتعامل بطلاقة، ويرفض العمل لدی أي شخص يملك الريبة الخانقة، هذا الرسوخ في شخصيته، أظنهُ يعود لتنشئتها، حيث التربية الصحيّة تورثكَ طباعًا شجاعة، تتعامل مع الحياة كتجربة حرة، تستدعي الثقة بأكثر مما تتطلب التوجس المرضي.

هناك ما هو ملهم في شخصيته، ثقة تخفض الأسوار، ومرونة نفسية قادر على التجاوز، و الالتقاء مع الأخر في الحدود الفاصلة بين العداوة والتعايش الخلاق، أنّهُ ملهم كشخصية كـ مسؤول قيادي عسكريًا من صنفة وصفة عملة، لأن نجاح العمل يعتمد أساسا من نجاح المسؤول الذي يقيم بالأساس أي مبداء عمل ينفذ، شخصية غير مولع بأظهار العداوات، ولديه نزوع حقيقي نحو حياة سلسة لهذا المجتمع المنهك.
قلت ملهم كشخصية وملهم كطباع، رسوخه يمتزج بخفة روحية، وشفافيته تحتفظ بغموض غريب هو جزء من طباعه وليس صفة متكلفة ومنفِّرة.

تلك تأملات عابرة أكتبها بارتجال وبلا مناسبة، المجد لك أخي بوسرور ولكل مسؤولًا إماراتي أتی لليمن للعمل بأخلاص كأنهُ وطنه الأول، وليس فقط أن تحسب لهُ مشاركة.

سلامي عليك و أنت ترمم روحك في الغياب، سلامي علی حضورك المتجدد في أعماقنا كل يوم، كلما طال أختفاؤك نلوذ بصورتك المشعة في أذهاننا و نستأنس بأراءك القدمية تجاه كل موقف جديد، لا تدع قلبك يقف هائل، ولا تطيل غيابك عنّا أيُّها الأب الروحي الجليل.

نتمنی من سمو الشيخ محمد بن زايد حفظة الله أن يتقبل أقتراحنا: جميع الضباط الإماراتيين الذين شاركونا في المهام بقوة الواجب لدی التحالف بعدن أن يعودوا وعلی رأسهم الأخ بوسرور للعمل لدی التحالف في اليمن، كونهم يفهمون الوضع جيدًا بجميع تفاصيلة.