آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-12:16ص

تحول الصرافين الى بنوك ضرورة !

الجمعة - 06 أغسطس 2021 - الساعة 08:18 م

ياسر اليافعي
بقلم: ياسر اليافعي
- ارشيف الكاتب

في الأساس تعاني اليمن من نظام مصرفي هش، يتمثل بعدد من البنوك التجارية والإسلامية والتي تعود ملكيتها في المجمل الى القطاع العائلي المهيمن اصلاً على التجارة والاستثمار مستغلاً نفوذه في السلطة. وقبل ان تحدث على النظام المصرفي اليمني، لا بد من معرفة أهمية النظام المصرفي في الاقتصاد اذ يعد الركيزة الأساسية للنمو الاقتصادي، فهو يقوم بدور الوسيط بين وحدات الفائض ووحدات العجز في المجتمع، من خلال قبول الودائع وإعادة اقراضها للمستثمرين، وهذه العملية تخلق النقود وتزيد من كمية عرضها في الاقتصاد، ويستطيع البنك المركزي التحكم بها من خلال الاحتياطي القانوني بحسب السياسة النقدية التي يحتاجها الاقتصاد. حيث ظلت البنوك خلال السنوات الماضية تركز في استثمارها على شراء السندات " اذون الخزانة " او الاستثمار في العقارات، او قيام ملاك النبوك العائلية باستثمار أموال المودعين في الخارج . وما ساهم في هذا الفشل هو تخبط البنك المركزي وعدم قدرته على استخدام الأدوات النقدية لمعالجة عجز الموازنة، حيث كانت " اذون الخزانة " احد اهم الأدوات التي استخدمها البنك المركزي، وبنسب فائدة عالية تصل الى 20% وهو ما دفع بالبنوك التجارية والاسلامية الى الاستثمار فيها كونها خالية من المخاطر " دين حكومي " ونسبة الفائدة عليها مرتفعة، وهذا عطل عمل المصارف في دعم الاستثمار وتحفيزه . الأحداث الاخيرة التي شهدتها اليمن ابتداءً من ما سمي ثورة الشباب 2011 وصولاً الى انقلاب مليشيا الحوثي وتدخل التحالف العربي في العام 2015 ساهمت في إضعاف النظام المصرفي الهش اصلاً، وتسببت في انقسامه وفقدان المجتمع الثقة به كنتيجة تلقائية لانقسام البنك المركزي الذي يعد أبو البنوك والمتحكم فيها. هذا الانقسام والوضع السياسي الجديد، وتدخل الحوثيين في العمل المصرفي، جعل البنوك التجارية والاسلامية عاجزة عن القيام بدورها، ولم تعد قادرة على تلبية طلبات العملاء من الأموال المودعة لديهم، وكان ذلك لصالح ظهور نظام مصرفي بديل وهم الصرافين الذين ظهورا وكبروا فجأة بعد حرب 2015 وباتت محلات الصرافة في المدن الرئيسية تنافس البقالات والمطاعم في عددها . ظهور محلات الصرافة وبشكل عشوائي وعلى حساب البنوك التجارية والإسلامية، كان احد الأسباب الرئيسية لانهيار الريال اليمني، وزيادة الطلب على العملة الصعبة، وازدهار عملية غسيل الأموال وتفشي الفساد، وظهور اقتصاد موازي يتحكم به الصرافين متمثل في قيامهم بممارسة استيراد المشتقات النفطية، وشراء الأراضي والعقارات. كما كان لمحلات الصرافة دور كبير في تعطيل دوران النقود، وتكديسها لديهم بدل استثمارها وضخها لتشجيع الاستثمار، حيث تحول الصرافين الى بنوك يقبلون الودائع من الجمهور بدون دفع أي فوائد، ثم يقومون بأستثمار هذه الودائع لصالحهم الشخصي. ضعف الجهاز المصرفي لصالح الصرافين، وانعدام رقابة البنك المركزي على الحوالات، اوجد حالة من الفوضى المالية والمصرفية في المحافظات المحررة، خاصة ان الحوثي تمكن من اختراق المنظومة المالية من خلال صرافين تابعين له، يستنزفون العملة الصعبة من المحافظات المحررة لصالح مليشيا الحوثي، بما يؤدي الى انهيار الريال اليمني فئة الإصدار الجديد المعتمد في هذه الحافظات. كما ان استخدام الصرافين أنظمة الصرافة بدون بوابة معتمدة ومراقبة من قبل البنك المركزي، ساهم في قيام الصرافين والتجار بالمضاربة بالعملة، من خلال استخدام تطبيقات الجوال، او اعتمادهم على موظفين في محلات الصرافة مقابل نسب معينة للقيام بالمضاربة لصالح التجار، وهذا كان احد اهم عوامل انهيار الريال اليمني . وضعف الرقابة على الصرافين، دفعهم الى فرض عمولات على ودائع العملاء، وهذا لم يحصل في أي دولة بالعالم، بالإضافة الى عدم التزامهم بالشروط الأساسية عند الإيداع والسحب من الحساب، وهو ما يعرض المودعين لمخاطر كبيرة، ويشجع عملية التلاعب بأرصدة العملاء . معالجات لا بد منها : استمرار الوضع مثل ما هو، سيؤدي في المجمل الى استمرار الفوضى المالية، وانهيار العملة، مهما كانت المعالجات، لذلك على البنك المركزي في عدن إيجاد نظام مصرفي حقيقي يتواكب مع المتغيرات التي حدثت عقب 2015 بما فيها استيعاب الصرافين القادرين على التحول الى بنوك، من خلال الزامهم بقانون البنوك التجارية والإسلامية المعتمد، والزامهم بممارسة العمل المصرفي الحديث وفق ما هو متعارف عليه، وتشجيع الاندماج بين شركات الصرافة لتشكل بنوك تجارية وإسلامية قوية قادرة على انعاش الاقتصاد بعيداً عن سيطرة الحوثي . بالإضافة الى الزام محلات الصرافة بدفع مبلغ تأمين كبير يحد من ازدياد افتتاح محلات الصرافة . تحول الصرافين الى جهاز مصرفي حديث في المحافظات المحررة، بعيداً عن سيطرة الحوثي سيؤدي في المجمل الى عودة الثقة بالنظام المصرفي، وظهور قوة مصرفية جديدة من غير قوى النفوذ والمسيطرة على مفاصل الاقتصاد، وبما يعزز دعم الاقتصاد ويشجيع الاستثمار . #ياسر_اليافعي