آخر تحديث :الخميس-26 ديسمبر 2024-10:23م

منوعات


هل يمكن أن تكون مياه الصرف النفطية الحل للجفاف؟

هل يمكن أن تكون مياه الصرف النفطية الحل للجفاف؟

السبت - 07 ديسمبر 2024 - 11:40 م بتوقيت عدن

- المرصد/متابعات

هناك مياه في كل الأماكن الخاطئة في هذه الزاوية من غرب تكساس؛ إذ يمر نهر بيكوس، ويجف عبر مدينة وادي إمبريال الصغيرة، الغارقة في الجفاف الشديد. لكن بحيرة بوهمر، وهي بركة من المياه السامة المتدفقة من باطن الأرض، تقع على بُعد أميال قليلة إلى الجنوب، كما كتبت مارثا بسكوفسكي*. وإلى الشمال، انفجرت بئر في مزرعة أواخر العام الماضي وقذفت مياهاً مالحة عالية.

حقول نفط وأراضٍ زراعية بائرة
لكن اليوم تُحيط إمبريال حقول النفط والأراضي الزراعية التي أصبحت بوراً. وتقوم شركات النفط والغاز بحقن كميات هائلة من مياه الصرف الصحي، والمعروفة أيضاً باسم «المياه المُنتَجة» (المياه المتخلفة من الإنتاج الصناعي)، في باطن حوض بيرميان (Permian Basin). وقد ارتبطت آبار الحقن هذه بتشوهات السطح والانفجارات والزلازل.


ويأمل بعض المزارعين في أن تؤدي إعادة استخدام «المياه المُنتَجة» إلى تقليل الحجم المحقون تحت الأرض، ومن ثم خطر الانفجارات والزلازل.

تدوير المياه الصناعية المُنتَجة
ويراهن بعض المزارعين والخبراء على إمكانية استخدام المياه المنتجة خارج حقل النفط. لدى لجنة السكك الحديدية في تكساس، التي تنظم نفايات النفط والغاز، مشروعان تجريبيان لاختبار هذا «المفهوم»، كما يدير اتحاد المياه المنتجة في تكساس، ومقره جامعة تكساس للتكنولوجيا، مجموعة من مشاريع المعالجة التجريبية الخاصة به. ومن المتوقع أن يراجع المجلس التشريعي في تكساس القضية العام المقبل.




«أعتقد أن المياه المنتجة في السنوات الخمس المقبلة ستكون بديلاً قابلاً للتطبيق في بعض المناطق التي تحتاج إليها... على الأقل في المجتمع الزراعي»، هذا ما قاله عضو مجلس الشيوخ، تشارلز بيري، من لوبوك خلال جلسة استماع للجنة المياه والزراعة والشؤون الريفية في الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي.

مكونات ملوثة في المياه النفطية
لكن الدراسة العلمية لاستخدام المياه المنتجة المعالجة لا تزال في مراحلها المبكرة. ويمكن أن تحتوي المياه المنتجة على مئات المكونات التي يكلف اختبارها ومعالجتها الكثير من المال. ولا يوجد لدى عدد من المكونات معايير سُمّية معتمدة من قِبَل الجهات التنظيمية الفيدرالية أو الحكومية، وتظل تكلفة معالجة المياه المنتجة باهظة. ويجب معالجة هذه التحديات لاستخدام المياه المنتجة بشكل مسؤول خارج حقول النفط.

وتعد تكساس حالياً أكبر ولاية منتجة للنفط في البلاد، وتخرج المياه المنتجة بكثرة إلى السطح أثناء عملية الحفر. ففي حوض ديلاوير وفي حوض بيرميان، يتم إنتاج ما يقرب من 5 براميل من المياه لكل برميل من النفط.

ويمكن أن تحتوي مياه الصرف الصحي هذه على كل من السوائل المحقونة تحت السطح للتكسير الهيدروليكي، وكذلك المياه التي تم إخراجها من التكوينات الجوفية.


والمياه المنتجة في حوض بيرميان مالحة للغاية، ويمكن أن تترك الأرض قاحلة لسنوات عند انسكابها، كما يمكن أن تحتوي مياه الصرف الصحي أيضاً على الراديوم 226 و 228، والمركبات العضوية المتطايرة، بما في ذلك البنزين، والتولوين، والإيثيل بنزين، والزيلين، التي تسمى اختصاراً «BTEX».

مياه مستخرجة من باطن الأرض
لا تلزم تكساس الشركات بالإبلاغ عن أحجام المياه المنتجة لديها، ولكن التحليل الأخير وجد أن الآبار غير التقليدية، أو المستخرجة بطريقة «التصديع المائي» (fracking) في حوض بيرميان تنتج 12 مليون برميل من المياه يومياً، وهذا يعادل 504 ملايين غالون، أو ما يكفي من المياه لملء أكثر من 700 مسبح أوليمبي، ويمكن أن يزيد الإجمالي إلى 15 مليون برميل يومياً بحلول عام 2042.

وفي الوقت الحالي، يتم التخلص من المياه المنتجة إما في آبار الحقن، وإما إعادة استخدامها داخل صناعة النفط والغاز للتصديع المائي لآبار نفط أخرى. ولكن جرى ربط الحقن بالزلازل في حوض بيرميان، ما دفع لجنة السكك الحديدية للحد من آبار الحقن العميقة.



مخاوف بيئية
تواجه تكساس مستقبلاً أكثر جفافاً مع تزايد عدد السكان الذين سيحتاجون إلى مزيد من المياه. وتتوقع هيئة تنمية المياه في تكساس أنه إذا لم يتم توسيع إمدادات المياه، فقد تواجه الولاية نقصاً حاداً في المياه أثناء الجفاف الشديد. والمياه المنتجة هي أحد مصادر المياه التي يتم النظر فيها.

لدى الجماعات البيئية، بما في ذلك فرع «سييرا كلوب لون ستار»، مخاوف بشأن استخدام المياه المنتجة في مواقع خارج حقول النفط.

وقد وجدت مقالة في مجلة عام 2020، أنه من بين 1198 مادة كيميائية تم تحديدها في المياه المنتجة، كانت هناك قيم سمية لـ167 مادة منها فقط. وبعبارة أخرى، لا توجد بيانات سمية لاستكمال تقييم المخاطر لـ86 في المائة من المواد الكيميائية في المياه المنتجة.

وعدد من المكونات الموجودة في المياه المنتجة ليست مفهومة جيداً، ولم يتم وضع معايير جودة المياه لكثير من هذه المكونات.

مشاريع تجريبية تعالج المياه المنتجة
في مختبر خارج ميدلاند، بتكساس، تختبر هيئة موارد المياه المحيط الهادئ (TPWR) تكنولوجيا معالجة المياه، وتدرس تأثيرات المياه المنتجة المعالجة على النباتات.

وقد فتحت لجنة السكك الحديدية طلبات المشاريع التجريبية في وقت سابق من هذا العام، لدراسة الاستخدام على نطاق أوسع للمياه المنتجة في الزراعة. وتدير «TPWR» أحد مشروعين تجريبيين نشطين للجنة السكك الحديدية.

وتُظهر مديرة البحث والتطوير في الهيئة، أدريان لوبيز، للزوّار عملية المعالجة المكونة من 6 خطوات، والتي تتضمن التناضح العكسي، وطريقة تحلية المياه الحاصلة على براءة اختراع.

ويبلغ متوسط مكونات المواد الصلبة الذائبة كلياً في المياه المنتجة التي تتلقاها الهيئة 130 ألف جزء في المليون من المياه، وهي أكثر ملوحة بعدة مرات من مياه البحر.

وتعمل عملية المعالجة المكثفة على خفض المواد الصلبة الذائبة الكلية إلى المئات... وقالت أدريان لوبيز: «التحدي الأكبر يتمثل في أن المياه المنتجة متغيرة للغاية».

وتختلف المياه المنتجة وفقاً للتكوين الجوفي الذي تأتي منه والسوائل المحقونة تحت الأرض، ولهذا السبب تبحث أدريان لوبيز عن «أشد» مصادر المياه نضارة، لمعرفة ما إذا كانت عملية المعالجة تعمل مع مدخلات مختلفة.

وقد عملت الهيئة مع العلماء في جامعة ولاية نيو مكسيكو (NMSU) لاختبار المياه المنتجة المعالجة لأكثر من 400 ملوث مختلف. كما استخدم الفريق اختبار سمية النفايات الكاملة (Whole Effluent Toxicity) (WET) والتحليل غير المستهدف لتحديد المكونات غير المعروفة.

وقالت أدريان لوبيز: «لقد فعلنا هذا لأننا أردنا الحصول على كثير من البيانات لمشاركتها مع الهيئات التنظيمية لإثبات أن هذه عملية آمنة، وأننا قادرون على معالجة (المياه) وفقاً لمعيار غير ضار».

وبالنسبة للمشروع التجريبي، استخدمت الهيئة المياه المعالجة المنتجة لزراعة البرسيم والنباتات المحلية في مزرعة زجاجية وخارجها. وسيتم اختبار كل من البرسيم الخارجي ونباتات المزرعة الزجاجية في جامعة ولاية نيو مكسيكو بحثاً عن أي تراكم حيوي للمكونات. وتوضح أدريان لوبيز أنه حتى إذا لم يكن من الممكن اكتشاف الملوث في المختبرات، فقد يتراكم داخل نبات أو حيوان.

وتُخطط أدريان لوبيز لنشر النتائج في أوراق بحثية تمت مراجعتها من قبل الأقران مع باحثين من جامعة ولاية نيو مكسيكو للتكنولوجيا، وسيتم أيضاً تقديم النتائج إلى لجنة السكك الحديدية. وقد حرصت الهيئة على مشاركة تجربتها على نطاق واسع وطلب الملاحظات.

مشروع نشط


المشروع التجريبي الوحيد النشط الآخر لهيئة السكك الحديدية هو مع شركة «Deep Blue Operating». ووفقاً للسجلات التي تم الحصول عليها من هيئة السكك الحديدية، فإن الشركة مخوّلة باستخدام المياه المعالجة المنتجة لري 4 قطع أرض مساحتها 5000 قدم مربع في مقاطعة ميدلاند. وستتم زراعة القطن وعشب برمودا والبرسيم والقمح الشتوي على القطع باستخدام نظام الري بالرش. ويمكن تطبيق الحد الأقصى لحجم 27300 غالون من المياه المعالجة المنتجة يومياً عبر القطع الأربع.

وتتوقع هيئة السكك الحديدية بيانات من المشاريع التجريبية في عام 2025، وفقاً للمتحدثة باسمها باتي رامون. وقالت باتي رامون: «ستكون النتائج جزءاً من عملنا المستمر لتحليل صياغة لوائح السلامة المستقبلية التي يمكن للمشغلين اتباعها». وأضافت: «إن الجمهور يمكنه تقديم طلبات معلومات عامة للحصول على نتائج الدراسات التجريبية».