آخر تحديث :السبت-21 سبتمبر 2024-10:02م

اخبار وتقارير


العرب اللندنية : التحالف الأميركي - البريطاني يرسم خطوطا حمراء جديدة للحوثيين

العرب اللندنية : التحالف الأميركي - البريطاني يرسم خطوطا حمراء جديدة للحوثيين

السبت - 01 يونيو 2024 - 05:36 م بتوقيت عدن

- ((المرصد))العرب:

شهدت المواجهة بين جماعة الحوثي والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركية وتشارك فيه المملكة المتحدة خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية تصعيدا نوعيا أبرز ملامح تغيير في أسلوب التحالف في التعامل مع تعرّض الجماعة لحركة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن نحو المزيد من الصرامة إزاء الحوثيين والتخلّي عن ضبط النفس الذي ميّز ردود واشنطن ولندن على هجماتهم، وجعل من تلك الردود عديمة الأثر في ردعهم.

وشنّت القوات الأميركية والبريطانية موجة من الهجمات على جملة من الأهداف الحوثية كانت الأعنف والأوسع نطاقا والأكثر إحداثا للخسائر المادية والبشرية.

وردّ الحوثيون من جهتهم بمهاجمة حاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور في البحر الأحمر بالصواريخ، بحسب ما أعلنه الجمعة الناطق باسم قواتهم.

وأثار التصعيد أسئلة حول ما إذا كان يعكس تطوّرا جديدا في الموقف الأميركي من جماعة الحوثي ومن عملية السلام معها والتي أبدت المملكة العربية السعودية إصرارا على الدفع بها متخطية كل الصعاب التي تقف في وجهها، لاسيما عدم استجابة الجماعة لها وتعمّدها إثارة المزيد من التوتّر مع فرقاء الداخل اليمني ومع المجتمع الدولي.


وأظهرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الفترة السابقة قدرا كبيرا من التساهل والمرونة إزاء الجماعة الموالية لإيران وألغت تصنيفها من قبل الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب كجماعة إرهابية، فيما اعتمدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أسلوب الضربات الانتقائية المحسوبة بدقة ردّا على هجمات الحوثيين على السفن التجارية.

وأوحى كل ذلك بأن واشنطن متوافقة مع الرياض بشأن إمكانية صنع السلام مع الحوثيين وأنّها حريصة على أن تُبقي الباب مفتوحا أمام الجهود الأممية والإقليمية والدولية العاملة على إيجاد حل سياسي للصراع اليمني.

لكن تصريحات للسفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن صبّت في اتجاه معاكس تماما وعكست منظورا أميركيا مخالفا للمنظور السعودي بشأن الحل السلمي في اليمن.

وتسرّبت مؤخّرا أنباء عن استعداد الولايات المتحدة لرفع حظر تصدير الأسلحة الهجومية إلى السعودية. وذهبت أغلب التحليلات إلى ارتباط ذلك بالعلاقة المتنامية بين الرياض وبكين ورغبة واشنطن في كسر نسق ذلك التنامي عبر استمالة المملكة وسدّ حاجتها إلى الأسلحة والذخائر، كما ربط البعض الأمر بجهود إدارة بايدن لإقامة علاقات طبيعية بين تل أبيب والرياض، وما سيصاحب ذلك من تجديد للالتزام الأميركي بأمن السعودية.

لكنّ ملف تصدير السلاح الأميركي للسعودية، كان مرتبطا خلال السنوات الأخيرة بشكل وثيق بحرب اليمن، حيث حظرت واشنطن تصدير السلاح الهجومي للرياض بذريعة أنّ التدخّل العسكري السعودي في اليمن أوقع خسائر فادحة في صفوف المدنيين بالإضافة إلى مآخذ أميركية أخرى على السجل الحقوقي للمملكة.

وتساءل مراقبون إنّ كان رفع الحظر عن تزويد السعودية بالأسلحة الهجومية الأميركية، ناتجا عن عدم اقتناع واشنطن بإمكانية إرساء سلام في اليمن ويمثّل استباقا لتجدّد الحرب هناك على نطاق واسع.

وقال فاجن إن تحقيق السلام في اليمن لا يزال صعبا وبعيد المنال. وأضاف خلال مشاركته في ندوة لمعهد واشنطن للدراسات، أن خارطة السلام السعودية لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب، بالنظر لنوايا الحوثي ودوافعه، وتعقيدات الصراع.

وفي خطوة غير منفصلة عن أجواء التصعيد السائدة في اليمن، اعترفت إيران رسميا ولأول مرّة بتزويد جماعة الحوثي بالأسلحة.

وذكرت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية في وقت سابق من هذا الأسبوع أن هذه الأسلحة تشمل صواريخ باليستية بحرية من طراز قادر. ونقلت عن مصدر في الحرس الثوري الإيراني قوله إن هذه الصواريخ يصل مداها إلى ألفي كيلومتر.

وشنّت القوات الأميركية والبريطانية ليل الخميس – الجمعة ضربات جوية على مواقع للحوثيين في اليمن، ما أسفر عن سقوط أكثر من خمسين فردا بين قتلى وجرحى.

وتعدّ هذه الحصيلة من الخسائر البشرية هي الأكبر التي يعلنها الحوثيون منذ بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في يناير الماضي بشنّ ضربات ضد مواقعهم لتقويض قدراتهم على استهداف حركة الملاحة البحرية.

واستهدفت الضربات الأخيرة مواقع وطائرات مسيّرة تابعة للحوثيين، وفق القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”. وقالت القيادة في بيان إنّ “في الثلاثين من مايو نجحت قوات القيادة المركزية في تدمير ثماني طائرات دون طيار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن وفوق البحر الأحمر”.



وتابعت “بالإضافة إلى ذلك نفذت قوات القيادة المركزية إلى جانب القوات المسلحة البريطانية عدة ضربات ضد 13 هدفا للحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها ضمن إجراءات دفاع عن النفس”.

وأوضح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الجمعة أن هذه الضربات “تمّ تنفيذها من أجل تقويض القدرات العسكرية للحوثيين بشكل إضافي، والحؤول دون وقوع هجمات جديدة على حركة الملاحة البحرية الدولية”. وشدد في تصريحات صحفية على أن الضربات “تمّ تنفيذها في إطار الدفاع عن النفس في وجه تهديد متواصل يمثّله الحوثيون”.

وكانت وزارة الدفاع البريطانية أكدت مشاركة قواتها “في عملية مشتركة مع القوات الأميركية بهدف تقويض القدرات العسكرية للحوثيين الذين يواصلون تنفيذ هجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن”. وأضافت أنّ معلومات استخباراتية أكّدت ضلوع موقعين في منطقة الحُديدة في هجمات استهدفت حركة الملاحة، مشيرة إلى أنّ الحوثيين استخدموا منازل في هذه المنطقة لتخزين مسيّرات مفخّخة والتحكّم بها عن بُعد.

وتوعّدت جماعة الحوثي من جهتها بتصعيد الهجمات ردّا على الغارات الأميركية والبريطانية. وقال القيادي في الجماعة محمد البخيتي في منشور على منصة إكس إنّ “العدوان الأميركي – البريطاني لن يثنينا عن مواصلة عملياتنا العسكرية المساندة لفلسطين وسنقابل التصعيد بالتصعيد”.

وشدد على أن “استهداف المرافق المدنية كالإذاعة والموانئ والاتصالات لن تكسر إرادة الشعب اليمني بل تزيده ثباتا وصلابة”.

وأكد البيان البريطاني أن الغارات استهدفت موقعا آخر يقع غرب الحديدة استخدمه الحوثيون لتنفيذ هجمات بطائرات دون طيّار.

وقال المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع في بيان إنّ الغارات خلفت ستة عشر قتيلا وواحدا وأربعين جريحا، مضيفا أن مدنيين من بين الضحايا، لكنه لم يحدد عددهم.

وأكد أنه تمّ في إطار الردّ على ذلك شنّ هجوم بعدد من الصواريخ المجنّحة والباليستية على حاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور في البحر الأحمر، وهي عملية لم تؤكدها واشنطن على الفور.

وشدد سريع على أن قوات الحوثيين “لن تتردد في الرد المباشر والفوري على كل عدوان جديد على الأراضي اليمنية”.


وبثّت قناة المسيرة التابعة للحوثيين صورا لرجال مصابين بجروح قالت إنها نتيجة لضربة على مبنى إذاعة الحديدة، فيما عرضت مشاهد لآخرين يتلقون العلاج في المستشفى، لكنّ عاملا في مستشفى بالحديدة نُقل إليه مصابون أكّد لوكالة فرانس برس أنّ غالبية هؤلاء كانوا من المقاتلين.

وأفاد شهود بسماع أصوات انفجارات خلال الليل لاسيما في مناطق سيطرة الحوثيين. وسمع صحافيون ومراسلو وكالات أنباء دولية انفجارات قوية في الحديدة وصنعاء.

وبحسب القناة الحوثية، استهدف عدد من الضربات الأميركية – البرطانية أيضا بنى تحتية للاتصالات في تعز.

وشرع الحوثيون منذ نوفمبر الماضي في شنّ الهجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، مؤكدين أن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الحرب الدائرة هناك.

وينضوي الحوثيون إلى جانب حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وعدد آخر من الميليشيات العاملة في سوريا والعراق في ما يسمى محور المقاومة المدعوم من إيران والمناهض للولايات المتحدة وإسرائيل.

وتقود واشنطن تحالفا بحريا دوليا بهدف حماية الملاحة البحرية في هذه المنطقة الإستراتيجية التي تمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.

ولم يفلح التحالف في وقف هجمات الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في اليمن، حيث تميّزت ضرباته ضد الحوثيين بالانتقائية والحذر الشديد، لكنّ الضربات الأخيرة التي وجهها إلى الآلة الحربية والبنية التحتية للجماعة، حملت ملامح تغيير في نهج التحالف باتجاه ممارسة قدر أكبر من الردع ضدّها، في ظل تساؤلات إن كان التحالف سيصل حدّ الحسم النهائي للمعركة، أم أنّ هدفه توجيه إنذار شديد للحوثيين ورسم خطوط حمراء أمامهم.