آخر تحديث :الخميس-21 نوفمبر 2024-10:18ص

ننام على فوهة بركان سيلتهمنا جميعاً!

الإثنين - 21 يناير 2019 - الساعة 08:21 م

مروان الجوبعي
بقلم: مروان الجوبعي
- ارشيف الكاتب

سلاماً لأرواحكم أيها الموتى النائمون بسلام في أقبية المقابر. ها أنا أتعثر اليوم مرة أخرى وأحسدكم على ما أنتم فيه من طمأنينة أبدية دون أن يعكر صفوكم أحد. أما أنا عليّ أن أقلق كثيرا، وأن أتودد كثيرا، وأن أقابل اللؤماء وأبادلهم المجاملات رغماً عني، وأن أتحسر على يوم آخر من الضياع، وأن أفكر بغد بائس ينتظرني. وما من شك غداً سأجد من يكرهني لأن تفكيري مختلف عنه، أو من يحقد عليّ لأنني من بلد آخر، أو من يشاركني الانتماء للوطن ولكنه يكرهني لأنني من منطقة أخرى. عليّ أن أواجه كل هذا القبح يوميا، وبين الحين والآخر، أتعثر بالجثث التي تلقي بنفسها أمامي دون إرادة مني! ها أنا قد تعثرت هذا المساء بجثة بشرية، كان انتمائي هو الذريعة الوحيدة ليحدث هذا الارتطام المفاجئ دون سابق معرفة، هكذا، كان سببا كافيا ليجعل هذه الجثة الطافحة بالكراهية تعترضني وتحاول استدراجي إلى وحل قذارتها. هممت لأكثر من مرة أن أخاطب ضمير صاحبها كأن أقول له "يا عزيزي لماذا كل هذا الحقد والغطرسة؟ لماذا لا نتعامل باحترام متبادل لعلنا غدا نرتطم بجثث أخرى ونواجه معا نفس المصير؟ لماذا نفعل بأنفسنا كل هذا ونحن أبناء البلد نفسه؟ فهل يحق للآخر أن يعتبر انتماءنا إلى وطننا جريمة تستحق الكراهية؟ لماذا لا نفكر أن الموت ينتظرنا نهاية المطاف فنعانق بعضنا ونسير إليه بسلام رغم اختلاف أفكارنا؟". كنت أود أن أخاطب ضمير صاحبها هكذا، لعلي أغير انطباعاته المسبقة عني، لكني وجدت أمامي جثة بلا ضمير، جثة لها عقل وقلب لكنهما طافحان بالحقد والكراهية، ومعها وجدت نفسي عاجزاً، كمن يحرث البحر، فاقتنعت أن حوارا كهذا سيكون طرف الخيط الذي تجرني من خلاله إلى مستنقع القذرارة التي تتمرغ فيه.. حينها بمرارة بلعت أسئلتي مع الريق ولم أسمح لها بالخروج ثم انسحبت. ها أنا أعود الآن أدراجي خائبا وخائفا من الغد الذي ينتظرني أنا وأبناء جيلي، فنحن ننام على فوهة بركان، وعلى ما يبدو، أن هذا البركان قد بدأ بالثوران وسيلتهمنا جميعا!