تحليلات سياسية

السبت - 09 نوفمبر 2019 - الساعة 12:22 م بتوقيت اليمن ،،،

((المرصد))خاص:

في 5 نوفمبر 2019، بالمملكة العربية السعودية، تم التوقيع على مبادئ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ولعل هذا الاتفاق يبرز العديد من الأهداف أهمها حرص السعودية والإمارات باعتبارهم أكثر الدول العربية المعنية بتسوية الأزمة اليمنية على وحدة واستقرار اليمن، خاصة وأن الاتفاق سيفتح الآفاق إلى الحل السياسي المنشود.

اتفاق الاحتواء وإعادة الترتيب

ويعد اتفاق الرياض امتداد للمبادرة الخليجية التي تمثل مشروع اتفاقية سياسية أعلنتها الدول الأعضاء بمجلس التعاون العربي الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية في 3 أبريل 2011 لتهدئة ثورة الشباب اليمنية، عن طريق ترتيب نظام نقل السلطة في اليمن. والتي انتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير 2012، عبر خطوات تفصيلية تتعلق بكيفية تنفيذ المبادرة اتفق عليها المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه واللقاء المشترك وشركاؤه وقد كان الاتفاق على الآلية برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السابق جمال بن عمر.

يذكر أن الاتفاق تم توقيعه بعدما شهدت اليمن العديد من التحديات الداخلية التي كان آخرها الاشتباكات المسلحة التي وقعت في أغسطس 2019 لبن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات التابعة للحكومة اليمنية في محافظة عدن، ومن ثم بدأت السعودية التي تقود التحالف دعم الشرعية في اليمن بمشاركة الإمارات مفاوضات سياسية من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق.

الداخل اليمني

يؤسس اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الأطراف المتحالفة ضد ميليشيات الحوثي، لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة، وتوحيد الجهود للقضاء على الانقلاب واستئناف عمليات التنمية والبناء، خاصة في المحافظات المحررة جنوبي البلاد، وينص الاتفاق في أبرز بنوده على عودة الحكومة الشرعية إلى عدن في غضون 7 أيام، وتوحيد كافة التشكيلات العسكرية تحت سلطة وزارتي الداخلية والدفاع، وتشكيل حكومة كفاءة بالمناصفة بين شمال اليمن وجنوبه، إضافة إلى أنه سيتم توجيه وتركيز الجهود العسكرية نحو صنعاء لمحاربة ميليشيات الحوثي، ولا شك أن تنفيذ اتفاق الرياض سيمكن القوات الشرعية من تحقيق انتصارات جديدة ضد التمدد الإيراني.

ويأتى التوقيع على الاتفاق كثمرة جهود مكثفة ومتواصلة بذلتها السعودية والإمارات لتحقيق مصالح بين مكونات الشرعية لتوحيد الصفوف ومواصلة معركة إنهاء انقلاب ميليشيات الحوثى واستعادة الدولة ويعول على هذا الاتفاق كخطوة أولية تفتح آفاق جديدة للحل السياسى فى اليمن.

على المستوى الإقليمي والدولي أعلنت الولايات المتحدة دعمها اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، كما أشاد به المبعوث الأممي مارتن غريفث، والجامعة العربية، والحكومات في كل من الكويت ومصر والبحرين.

دلالات ودوافع الاتفاق

تم الاتفاق على الترتيبات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وفق البنود الخاصة بكل قسم، ومن المبادئ الأساسية التي ينص عليها الاتفاق:

1) الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي

2) وقف الحملات الإعلامية المسيئة

3) توحيد الجهود تحت قيادة التحالف لإنهاء انقلاب الحوثي

4) مواجهة تنظيمي القاعدة وداعش

5) تشكيل لجنة من التحالف بقيادة السعودية لمتابعة تنفيذ الاتفاق

6) مشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحل النهائي

إضافة لذلك فإن هناك العديد من الانعكاسات الإيجابية على مستقبل التسوية السياسية الداخلية اليمنية أبرزها:

1) توحيد جهود اليمنيين لمواجهة المشروع الإيراني وإنهاء انقلاب الميليشيات في اليمن.

2) بداية لإجراء إصلاحات واسعة في عمل الحكومة الشرعية، وإعادة عدن للهدف الأساسي الذي حدد لها باعتبارها عاصمة مؤقتة وموقع لانطلاق عمل كل أجهزة الدولة وتحديد الهدف في محاربة الحوثيين.

3) توحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وضمها لوزارة الدفاع، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة التحالف، الأمر الذي سيعزز من فرص إنجاح الاتفاق، وتركيز الجهود العسكرية نحو صنعاء لمحاربة ميليشيات الحوثي.

4) يعد الاتفاق أول اتفاق يتم لقاء مباشر بين طرفيه وبالتالي يعكس دلالة مهمة تتعلق بدرجة التنسيق المشترك والتفاهمات التي تم التوصل إليها، بل أنه سيفتح سيفتح الآفاق إلى اتفاق واسع بين المكونات اليمنية.

5) إجهاض المشاريع الدخيلة التي تستهدف النيل من الأمن القومي العربي والخليجي، وهو ما يعمل على تحقيقه «التحالف العربي لدعم الشرعية» بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن منذ سنوات.

6) تحقيق التنمية من خلال تنفيذ مشاريع في البنى التحتية والخدمات الأساسية سيديرها ويشرف على تنفيذها القوى الإقليمية والدولية مع اليمن وستصل الخدمات إلى كل إنسان يمني بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والسلطة المحلية.

7) بناء المؤسسات وتثبيت الأمن والاستقرار في بلادنا ورفع المعاناة عن الشعب اليمني وكبح ميليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني.

8) إن التوقيع على وثيقة الرياض سيحقق تطلعات الشعب اليمني أمنه واستقراره في مواجهة الالطائفية والفوضى ليس فقط في اليمن ولكن في المنطقة العربية.

9) توحيد الصف الداخلي في مواجهة الانقلاب الحوثي ويعزز جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في مكافحة الإرهاب الذي ذاق اليمن مرارته خلال السنوات السابقة، ومواجهة التنظيمات المتطرفة مثل تنظيمي القاعدة وداعش التي تتخذ من اليمن نقطة انطلاق لها في كثير في العمليات في داخل المنطقة العربية.

ختامًا: من المؤكد أن اتفاق الرياض يعد خطوة كبرى نحو تأسيس واقع يمني جديد بديل عن الصراعات والانقسامات الداخلية، ولعل الظروف الإقليمية والدولية المحفزة لمثل هذه المبادرات ستؤدي إلى زيادة فرص تطبيق هذه البنود بما يحقق أمن واستقرار اليمن الداخلي.

ومن جهة أخرى فإن الاتفاق الجديد سيؤسس لشرعية داخلية جديدة أساسها التوافق الدخلي، وتوحيد الجهود بين الفرقاء لمواجهة خطر التنظيمات المتطرفة أو الميليشيات المسلحة كجماعة الحوثي، ومن ثم إعادة تنظيم الحياة الداخلية اليمنية في ظل الدوافع الداخلية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار بدعم من القوى الإقليمية والدولية.