منوعات

السبت - 26 أكتوبر 2019 - الساعة 01:07 م بتوقيت اليمن ،،،

حمل هاتف يختلف عن حمل سلاح

(المرصد ) متابعات

"كل الحروب تنتهي بالتحدث مع بعضنا البعض. إذن هيا نتحدث".. هذا ما يؤمن به عدنان سروار الجندي السابق في الجيش البريطاني الذي حارب في العراق وتحديدا في مدينة البصرة.

عاد سروار إلى العراق بعد سنوات من تجربته العسكرية هناك، لكن هذه المرة كصحافي لتصوير فيلم لصالح محطة بي.بي.سي. بحث عن أماكن الاشتباك التي شعر فيها بالخطر على حياته، حتى أنه التقى عراقيا شارك في نصب كمين ضد دوريته.

ويؤكد سروار الذي كان يتحدث أمام جمهور ضمن فعالية “مهرجان المستقبل المفتوح” الذي تنظمه مجلة ذي إيكونوميست البريطانية (The Economist’s Open Future Festival) أن تجربته في العراق جنديا وصحافيا علمته أن الصراعات سواء أكانت حروبا أم حتى نقاشا آخر مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلها يجب أن تنتهي بـ”الحديث”.

وقال سروار “توجهت إلى العراق للمرة الرابعة. كانت كل زيارة منها مهمة لي. كانت أول زيارة لي لهذا البلد المهم في سنة 2003، عندما كنت جنديا بريطانيا صغيرا. كان عملي هناك ضمن الحرب التي أسقطت نظام صدام حسين، ورأينا أنفسنا على أننا "محررون". بعد سنوات قليلة، عدت مع الجيش البريطاني في سنة 2006 إلى بلاد لم نعتبر فيها رمزا للحرية وإنما للغزو. وزرت البلاد ثالث مرة كصحافي تابع لـ’ذي إيكونوميست’، حيث نقلت الأحداث الجارية في منطقة الموصل التي اجتمع فيها المقاتلون الأجانب المتحدون مع الأكراد لمحاربة داعش.

وتابع سروار كانت رحلتي الأخيرة مختلفة، حيث تجولت في البلاد، من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد إلى البصرة والجوامع والحقول النفطية. وكان وجودي في البلاد مدفوعا بعملي على فيلم وثائقي لصالح قناة بي.بي.سي البريطانية. عدت لأرى ما حل بالبلاد التي أصبحت منطقة للحرب"

يضيف سروار “أعلنت الحكومة قبل فترة قصيرة من زيارتي عن هزيمة الدولة الإسلامية المعروفة باسم ‘داعش’ بين المواطنين الذين يكرهونها. وكجزء من عملي، وجدت نفسي أمام أشخاص لم أتوقع أن أبادلهم أطراف الحديث قبل عقد من الزمن. قابلت نساء من قوات البيشمركة الكردية وهن يرددن أغاني البوب، ولمست تماثيل نينوى، وتحدثت إلى مزارعين عن خطر الكوارث الطبيعية حيث عبروا عن حنينهم لصدام الذي ‘حافظ على الأمن في البلاد'”.

لقد منحت العودة إلى العراق في سن التاسعة والثلاثين، الجندي السابق في الجيش البريطاني، فرصة للبحث عن إجابات لأسئلة لم تغادر ذهنه. وأكد “غادرت القوات البريطانية بعد عقد من الخدمة في صفوفها وبقيت كوابيس تلك الفترة تلاحقني. لكنني شعرت بنوع من الحنين إلى نشاطي العسكري. وعندما عدت إلى العراق لأنقل أخبار القوات الأجنبية التي اتحدت مع الكرد، نمت رغبة داخلي وتمنيت الانضمام إلى الحرب”.

ويؤكد الصحافي البريطاني أن شعوره اليوم كصحافي يختلف مع نظرته إلى الحرب كجندي”.

ويتساءل “كيف أحس المسلمون المنتمون إلى الجيش البريطاني؟ أصلي باكستاني لكنني بريطاني. عانيت من التنمر والسخرية في المدارس لكنني تركت كل ذلك ورائي عندما اخترت الانضمام إلى القوات البريطانية. أردت أن أخوض مغامرة مختلفة وربحت حفنة من الأصدقاء الذين كانوا إلى جانبي في مواجهة الخطر ومازالت العلاقة بيننا حميمة إلى اليوم”.

من جانب آخر يقول “إن العراقيين أحسوا ببعض الارتياح بفضل اسمه العربي، لكن البريطانيين كانوا يخافون تبعات ذلك. وخافوا أن أصبح رهينة يعذبها المتمردون”.

يتذكر عدنان الضربة التي وجهت إليه وخسر فيها واحدا من أعز أصدقائه. لكنه عاد إلى بلده حيا، ليستمع إلى شهادات الناجين الآخرين الذين تحدثوا عن تجاربهم المؤلمة كصحافي. إنه يتذكر كل ما قالوه إلى اليوم.

رغم ذلك يعترف الصحافي البريطاني بأن “الزي العسكري غير حياته إلى الأفضل، وأعطاه الشجاعة والرغبة في العيش، وكوّن شخصيته”.

صحح عمله في الصحافة توجهات عدنان الذي أكد أنه “كان يظن أنهم يساعدون العراق. لكن العراقيين تظاهروا ضد وجودنا هناك قائلين إن حكومة بريطانيا كانت تحاول غزو بلادهم”. ويضيف “يسألني العديد من الأشخاص عن العراق، وعما غيّره الجنود هناك. ولا أعرف كيف أجيبهم. وجدت نفسي أتساءل عما إذا ساهم جنود بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما من البلدان في تفاقم الفوضى هناك.

يؤكد سروار “قرأت عن تاريخ العراق المضطرب والحرب التي بدأت سنة 2003، والتي أودت بحياة أكثر من 200 ألف عراقي. وعندما وجدت نافذة للعودة، تمسكت بالفرصة”.

ووفق وصفه إذا طلب منه أحدهم أن يصف العراق بثلاث كلمات، فمن المرجح أن تشمل “النفط”، “صدام”، “الحرب”.

يعترف الصحافي البريطاني بأنه أخبر جل من قابلهم عن أنشطته السابقة في الجيش البريطاني وكانت استجاباتهم مختلفة. لام البعض القوات على غزو البلاد، وعبّر البعض عن استيائهم من “عدم إتمامها لمهمتها”.

ويقول “تحدثت إلى مزارع أخبرني بأنه يفضل القوات البريطانية على الأميركية التي أرادت الوصول إلى بغداد واقتلاع تمثال صدام وإعلان النصر. ولتحقيق ذلك في فترة وجيزة، اتبعوا عمليات عنيفة بينما توقف الجنود البريطانيون لاحتساء الشاي. ويرى البعض في بغداد قدرة على تمالك نفسها إن تركت بمفردها دون أي تدخل أجنبي”.