اخبار وتقارير

الثلاثاء - 12 فبراير 2019 - الساعة 08:02 م بتوقيت اليمن ،،،

المرصد/ خاص

الدكتور ناصر الخبجي الثوري الجنوبي العتيد، والعقل السياسي الأكثر حنكة، برلماني أوقف نشاطه البرلماني في مجلس النواب ووقف مع قضية الجنوب في زمن القمع الصالحي، قاد الحراك مع رفاقه بشجاعة وقاد معهم مرحلة النضال العسكري في الحرب الأخيرة.

وفي الفترة الحالية كان نواة صناعة الساسة الجنوبية في المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس دائرته السياسية وخاض اتصالات ولقاءات مع قيادات الجنوب التاريخية.

في هذا اللقاء مع صحيفة "الأمناء" يضع الدكتور ناصر الخبجي تفاصيل كاملة سياسياً كمخطط ومنفذ لسياسة الجنوب ويشرح علاقة المجلس بالتحالف وتفاصيل مشاركته في اجتماعات لمجلس النوب في الرياض.. فإلى تفاصيل اللقاء..





كيف تشخص القضية الجنوبية كتاريخ؟
أولاً نرحب بكم، وبالنسبة لسؤالكم حول القضية الجنوبية كتاريخ، فالتاريخ هو يعني الهوية الجنوبية لشعب ذات ثقافة عالية وصلت فيه الأمية إلى نسبة 1 % وتاريخ يرتبط بجذور الهوية العربية الأصيلة، ودولة مستقلة ذات مؤسسات سياسية واقتصادية وأمن واستقرار.

فالقضية الجنوبية هي هوية دولة مستقلة ووطن جنوبي لشعب لدية ثقافته ويعشق العيش بكرامة وحرية، كما أنها قضية سياسية لها مساراتها المختلفة أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وحقوقياً.



ما الذي يعنيه تشكيل المجلس الانتقالي للحركة الوطنية الجنوبية ككل؟
المجلس الانتقالي الجنوبي يعني الكثير، فهو تتويج لسنوات عصيبة من النضال الشعبي الجنوبي السلمي والمسلح، وبوجوده ككيان منظم وقيادة سياسية هو أمر يعتبر توفره في أي ثورة مهم للغاية ليعرف العالم أن ما بعد الثورة وتحقيق أهدافها لن تذهب الأمور للفوضى الأمنية أو المجتمعية، طالما هناك قيادة وكيان منظم إدارياً وسياسياً ودبلوماسياً ومجتمعياً.

فالمجلس الانتقالي إطار سياسي جنوبي منظم وحامل وممثل القضية الجنوبية ولديه عوامل قوة لم تكن متوفرة لدى الحراك الجنوبي السلمي، إضافة إلى عوامل تغيرات المرحلة.



يتحدث البعض عن علاقة غير متزنة بين المجلس والتحالف العربي.. كيف تجيب عن ذلك؟
علاقة الجنوب بدول التحالف العربي، هي علاقة مصير وأمن قومي مشترك لا فكاك منه، ولولا ذلك لما جاءت عاصفة الحزم عندما بدأت مليشيات الحوثي بالتحرك لغزو الجنوب والتوجه صوب عدن.

فعلاقة المجلس بالتحالف لا تتعلق بمرحلة آنية، أو مصالح عابرة أو بتصريح صحفي أو تصرف هنا وهناك، بل هي علاقة تقوم على أسس جوهرية واستراتيجية تتعلق بـ"الأمن القوي الخليجي والعربي بل والعالمي" وهناك خطوط عريضة تتواءم ومصالح الجنوب العليا في مقدمتها " الدفاع المشترك – والمصالح المشتركة حالياً ومستقبلاً".

والمجلس الانتقالي رسم سياساته ورؤيته وحدد طريقه ونهجه انطلاقاً من مبادئ وهدف الشعب الجنوبي، وهذا أمر لا حياد عنه كما أنه هدف يتواءم مع المصالح القومية العربية لدول التحالف العربي أو بقية دول المنطقة العربية، ما عدا الدول الشاذة عن الإجماع العربي.

والسياسة وعلاقاتها تعرف بالمرونة في المتغيرات والثبات على الثوابت، خاصة في ظل ظروف معقدة وتداخلات سياسية ومصالح باتت البلد فيها مفتوحة لتحركات دول عدة، ولا يعني المرونة السياسية أبداً التخلي أو التراجع عن المبادئ والتطلعات، أو التنازل عن هدف شعب الجنوب المتمثل باستعادة استقلال دولة الجنوب على كامل ترابها الوطني بحدود ما قبل العام 1990، بل العمل في مساحة لا تمس الثوابت.



المجلس الانتقالي يضم شخصيات من اتجاهات فكرية وحزبية مختلفة أصبحت لها هدف سياسي واحد حول قضية الجنوب.. كيف تصف الأمر؟!
من الطبيعي أن يضم المجلس الانتقالي كل أو غالبية أطياف الجنوب؛ لأن الجنوب وطن لكل أبنائه، كما أن المجلس يسعى لتوسيع قاعدة المشاركة فيه لضمان توحيد الجهد والعمل بشكل أكثر فاعلية حتى نيل تطلعات شعبنا الجنوبي ممثلة باستعادة استقلال دولة الجنوب بشكلها الجديد ونظامها الحديث.

والتنوع في الجنوب هو عامل صحي، طالما وجاء الانتقالي لحماية المصالح العليا والمكتسبات الجنوبية، وهذا التنوع مفيد بشرط أن لا يمس هدف الشعب الجنوبي أو ينتقص من تطلعاته، فالشعب الجنوبي خاض ملاحم بطولية ضد طغيان نظام الاحتلال اليمني الشمالي منذ خطأ ما سميت بـ (الوحدة اليمنية) وتحولها إلى (احتلال).

ومن ثم انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمي وتحولها لثورة مسلحة ومقاومة طردت الاحتلال الشمالي القديم، وهزمت - بمساندة ودعم التحالف العربي - الغزو الحوثي المدعوم إيرانياً الذي أريد منه تجديد الاحتلال بتحالف ظاهرة جديدة قديم يعود لتحالف 94 مضاف إليه مليشيات الحوثي التي دفعت بها إيران لمحاولة التوسع والإضرار بالأمن القومي العربي في عدن وباب المندب، وهو ما لم يتحقق لها بفضل الله ثم بإرادة شعبنا الجنوبي ومساندة أشقائنا في دول التحالف.



كان منتظر من الانتقالي - على الأقل من قبل نخب الجنوب - أن يتبنى مشروعًا سياسيًا يخاطب به العالم ليس فيه حديث عن هوية بل عن حقوق سياسي بآلية ممكنة وهنا يأتي الحديث عن مشروع قضية الجنوب بمؤتمر الحوار للفريق الذي طرد من الحوار وهناك شخصيات بالانتقالي كانت أعضاء فيه فلماذا أتت المبادئ العامة بحديث عن مشروع وهوية طوباوية؟!
مثلما قلت لك سابقاً، القضية الجنوبية هي هوية ووطن ودولة مستقلة، كانت قائمة حتى قبل خطأ كارثة الدخول فيما تسمى الوحدة اليمنية.

فمبادئ الانتقالي انطلقت من إرادة الشعب الجنوبي، وحماية لهويته وثقافته ومصالحه العليا التي تحفظ له استقلاله وحريته وكرامته.

والحقوق السياسية أو الاقتصادية هي جزء من تبعات القضية الجنوبية، وليست هي القضية الجنوبية، ومؤتمر الحوار اليمني الشمالي كان مخصصًا لحلحة مشاكل الشمال فهو جاء وفق " المبادرة الخليجية" التي خصصت للشمال وحل خلافات صالح مع أحزاب المشترك اليمنية، إنما تم إدراج القضية الجنوبية فيه لمحاولة الالتفاف عليها.

وحاول البعض - وهم جزء بسيط وليس الحراك الجنوبي أو غالبيته - المشاركة في الحوار اليمني الشمالي بناءً لوجهة نظرهم المحددة بفكرة "إقليمين"، رغم أن الشعب الجنوبي يرفض أي أفكار لا تحقق هدفه المتمثل باستعادة استقلال دولة الجنوب، ومع هذا وصل المشاركون لطريق مسدود، وأوصل بالنهاية مؤتمر الحوار الفاشل البلد إلى انفجار الحرب ورفضت قوى وأحزاب الشمال نتائجه وتفجرت الحرب، وحاول كل أطراف الشمال جعل الجنوب هو الضحية للحرب، ولكن انقلب السحر على الساحر.



كيف تنظر إلى علاقة الجنوب كقيادة في الانتقالي مع الشقيقتين الإمارات والسعودية كلٌ على حدة؟!
مثلما قلت لكم، علاقة الجنوب بدول المنطقة سواء في الخليج أو بقية الدول المحيطة والمتصلة معه بحدود أو ممرات مائية، هي علاقة مصيرية، وذلك لأهمية الموقع الجيواستراتيجي للجنوب وامتلاكه لأهم ممر مائي في العالم هو ممر "باب المندب".

والعلاقة هنا مصيرية؛ أي علاقة المصير المشترك والأمن القومي للمنطقة والعالم، والتي يمكن بها أن تبقى فيه دول عربية قائمة ويمكن أن تعم الفوضى فيها، فالجنوب جزء لا يتجرأ من الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية - المنطقة العربية عامة - وفي مقدمة ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة باعتبارهما الأكثر ارتباطا به والأقرب إليه، وتدخلتا لإنقاذ الجنوب خاصة من الوقوع بين يدي إيران ومشروعها العدواني الخطير على الأمة العربية وهويتها وثقافتها وتاريخها، وهو إنقاذ - أيضاً - لليمن عامة في نفس الوقت.



شاركت أنت والدكتور النقيب في اجتماعات مجلس النواب مع الرئيس بالرياض.. ممكن تعطينا فكرة عن الدعوة وما حدث؟!
تلقينا دعوة لحضور مجلس النواب المنتهي أصلاً، وبعد دراستنا للأمر، اتخذنا قرارًا بالمشاركة، طالما الأمر لا يمس الثوابت الجنوبية ويمكن استخدامه سياسياً وطرح كل ما نريد قوله بقوة ومن داخل الاجتماعات.

ذهبنا لإسناد الكتلة الجنوبية التي تواجه بتعصب شمالي، ودعماً ليترأس مجلس النواب شخصية جنوبية، كما أننا اتخذنا الأمر منفذاً لعقد لقاءات مع سفراء وإجراء لقاءات مع جنوبيين يتواجدون بالمملكة من مؤيدي المجلس الانتقالي، ولقاء جنوبيين بالشرعية من أحزاب الإصلاح والمؤتمر وخوض نقاشات معهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم التي تصلهم عبر دوائر حزبهم الاستخباراتية، بل وحتى لقاء شماليين أعضاء بالبرلمان وخوض نقاشات سياسية وتحذيرهم من الاستمرار بنهج ما قبل 2015.

وفي نفس الوقت اتخذناها مدخلاً لإثبات حسن نوايانا تجاه الرئيس هادي وأننا معه وعليه العودة ليكون معنا ومع شعبنا الذي يمضي قدماً نحو تحقيق هدف الاستقلال.

أما ما حدث بمجلس النواب، فلم يحدث شيء في اجتماعات المجلس، غير خلافات وانقسامات جنوبية شمالية داخل المجلس، وتعنت الشماليين وتعصبهم للشمال، وكتل أحزابهم الفاشلة المتناقضة التي تسببت بكل ما يجري لليمن شمالاً وجنوباً، ومحاولة إحياء كتل حزبية ميتة من داخل مجلس نواب ميت.

باختصار ما حدث هو "محاولات إنعاش لجثة ميتة".



هناك أحاديث عن عقد جلسة لمجلس النواب اليمني في عدن.. ماذا حول هذا الأمر؟! وما موقف المجلس الانتقالي؟!
مجلس النواب منتهٍ منذ 10 سنوات والمراهنة عليه سياسياً هو رهان فاشل، والحوثيون في الشمال لن يهزموا بعقد مجلس النواب أو عدم انعقاده، بل أن القوة العسكرية والمقاومة المخلصة هي من ستهزمه، وللأسف هذا لا يتواجد بالشمال نتيجة لخذلان وانتهازية وخيانات مستمرة من قوة حزبية تفكر بعقلية الفيد والمصالح الضيقة ولا تفكر بمصلحة اليمن الشمالي وشعبه.

وأي تفكير لانعقاد مجلس النواب بعدن، فهو تفكير خاطئ وخاسر وغير ملائم لتغيرات المرحلة، انطلاقاً من عدة اعتبارات منها أن مجلس النواب سياسية ولا دعماً لانتصارات ميدانية وإن كانت غير موجودة بالشمال، كما أنه منتهي الصلاحية ومنقسم لعدة أقسام، وأنه قد يتحول إلى أداة بيد الهاربين من صنعاء الغير معترفين بالرئيس هادي وشرعيته، وإذا سيطروا عليه فقد يطيحون بالرئيس هادي، والأهم في الأمر أنه سيخلق مشكلة من لا شيء في الجنوب أكبر من المكسب المراد تحقيقه من يريدون انعقاده.

فالشعب الجنوبي لن يقبل بأمر كهذا، في ظل متغيرات على الأرض وأخرى سياسية، يراد إعادتها لمربع الصفر باستخدام وسيلة مهترئة ومنتهية.



ممكن تضع - كونك أمسكت بالدائرة السياسية - خارطة طريق لما يراه ويعده المجلس للوصول إلى تحقيق هدف الشعب الجنوبي؟
هناك رؤية شاملة لدى المجلس الانتقالي وخارطة طريق عملية، تقوم على أساس الحوار والسلام باعتباره السبيل الوحيد لحل الخلافات، وبالتأكيد ستفضي إلى تحقيق هدف الشعب الجنوبي، ، لكن ذلك لا يعني أن خارطة الطريق لن تتعرض لعوائق أو منعطفات، وهنا يعتبر رصّ الصفوف مع المجلس الانتقالي مهم للغاية باعتبار الشعب الجنوبي هو الرهان الأساسي وعدالة قضيته وحقه في تحقيق هدفه واستعادة دولته.

المجلس الانتقالي يعمل على توحيد الجهود السياسية المؤسسية وتأطيرها ضمن رؤيته النابعة من إرادة الشعب الجنوبي، والسير بتنظيم في خطوط عمل متعددة محلياً وخارجياً تقوم على التنظيم السياسي داخل الجنوب، بالتزامن مع العمل السياسي والدبلوماسي الخارجي.

فالمؤسسية هي الأساس، ومنها إعادة بناء المؤسسات وتأهيل الكوادر وتدريبهم والاعتماد على الكفاءات والقدرات، لبناء وإرساء مداميك صلبة، والعمل هنا متشعب ومتعدد الجوانب، أمنياً وعسكرياً وإدارياً وإعلامياً وسياسياً واقتصادياً، وهناك رؤى تفصيلية لكل اتجاه وجانب من الجوانب تتكامل مع بعضها ضمن خارطة طريق.



كلمة أخيرة تقولها؟
أقول لمن يفكر أن يعيد الجنوب إلى مربع ما قبل 2015، بأنه واهم، ولن ينال مراده، فالتضحيات التي روت الأرض الجنوبية لن تذهب هدراً ولن يستطيع مخلوق كائن من كان اختزالها. والواهمون من المسيطرين على شرعية هادي عليهم أن يهتموا بتحرير مناطقهم أولاً فلا حديث لنا معهم إلا متى ما حرروا مناطقهم ومحافظاتهم.

وهنا يتوجب عليّ أن أحيي الشعب الجنوبي الباسل والمقاومة الجنوبية البطلة وقوات الأمن والحزام والنخب الأمنية، على ما يقومون به من دفاع مستميت على الجنوب سواء من الغزاة الطامعين الحوثيين أو العناصر الإرهابية المنتمية فكرياً وروحياً لقوى وأحزاب الشمال وتتلقى كامل الدعم منها .

كما أحيي شعبنا على إحباط كل المؤامرات وإفشال مخططات المأزومين وأساليبهم في التعذيب الجماعي وتدمير الخدمات، ونقول لشعبنا الجنوبي: الثبات.. الثبات.. فالهدف المنشود قاب قوسين أو أدنى، ولا تراجع عن تضحياتنا الجسيمة ودماء شهدائنا وجرحانا الزكية، فالأوراق التي كانت تستخدم ضد الجنوب خارجياً يتم إحراقها باستمرار ولم يتبقَ منها إلا عرق ينبض بصعوبة ممول بالمال السياسي وسينتهي قريباً، لتعلو كلمة الجنوب وتنتصر على إرادة شعبه، على إرادة الفاسدين والعابثين والواهمين بنهب خيرات شعب الجنوب وطمس هويته وتدمير ثقافته .