كتابات وآراء


الثلاثاء - 27 أغسطس 2019 - الساعة 02:23 م

كُتب بواسطة : علي ثابت القضيبي - ارشيف الكاتب




١// مع تنوع وسائط الإعلام والفضائيات وتعددها ، فقد شابت المجتمعات حالة هوسٍ ولغطٍ صاخبة ، وهي ألقت بظلالها على الوعي المجتمعي للناس من خلال التّعاطي المشوّه مع المعلومة المتدفقة إلينا ، فأتفه فريّةٍ أو معلومة غير دقيقة تجدُ صداها لدى قطاع واسع من الناس ، وفاقم ذلك إنفتاح المجال على سِعتهِ لمن شاء أن يُدون ، أي تحوّل العالم الى ساحةٍ رحبةٍ لأشباهِ الأميين والكذّابين والنرجسيين و .. و .. ليدونوا تراهاتهم خلالها ..

٢// في مجتمعنا الجنوبي ، ونحنُ نعيشُ مايشبه حالة مخاض إستعادة دولتنا ، وهذا هو أكبرُ الهمومِ التي تُثقلُ رؤوسنا ، يُوازيه حالة الإحتقان الحادٍ في خاصرتنا شبوه ، وفي معمعة وسائط التّواصل والفضائيات هذه ، يحتدمُ مجتمعنا - تحديداً في أوساط العوام - بموجةٍ عاتيةٍ من هذا اللغط والتّضاد حتى حول أتفهِ معلومةٍ ، أي أنّ هذه الوسائط بدلاً من أن تكون نافعةٌ ، فقد تحوّلت الى أداةٍ لبث الشائعات الكاذبة للشرذمةِ والتّضاد وإن عن بُعد !! والسببُ في ضوابط ومعايير تلقّي المعلومة .

٣// بالمناسبةِ ، مِن لهفة مجتمعنا الجنوبي الى نًيلِ إستحقاقهِ بإستعادة دولتهِ ، فهو أصبحَ مُهيئاً مُستشرفاً لقبولِ وتصديق أي معلومةٍ أو خَبرٍ يُقرب لهُ هذه الغاية ، فهو مثلاً : يَطربُ وينشَرح صدره لمجرد أنّ صحيفةٍ خليجية أو باحث أو كاتب خليجي تناول خبراً عن إستحقاقِ جنوبنا بإستحقاق إستعادة دولته !! وكم يكون الأمر أكثرُ إشباعاً لهذا الشّرهِ إذا كانت الصحيفة أو الفضائية أو الكاتب الذي تناول الخبر غربياً ، أو حتى مسؤولٌ غربيٌ بسيط !! والمصيبةُ نفس الحال في فريّةِ كذبةٍ بمعلومةٍ زائفة حول إنكسارٍ عسكري لقواتنا الجنوبية في الميدان ! وهكذا ..

٤// صباح ذات يومٍ ، وحيث أمرٌ من منزلي يومياً ، إستوقفني شاب جامعي ، وباشرني مُتهللاً بأنّ الإندبندت البريطانيه نشرت خبراً مُبشراً عن جنوبنا ، ومن تلفونهِ أطلعني على موضوع في الواتس ٱب ، وذُهلت ! لأنّ الموضوع لاتتصَدّرهُ إشارة الى المصدر ، ولافي ذيلهِ رابط يمكن أن تقرأ فيه النّص أو مقتطفات منه ! وقلتُ ذلك للشاب ، وأضفتُ له : بإفتراض أنّ الإندبندت نشرته ، هل هذا يعني أنّ جنوبنا قد جاء ، أو قد أُحبِط في ميلادهِ ؟! أو أليس جائزاً أن الخبر عابراً أو مدسوساً ؟! أو هو موضوعا موجهاً أو .. أو .. !! الى هذا الحد وصلنا !!

٥// الخطرُ الدّاهم هو في عبثِ خصومنا بنا في هذه الوسائط ، فهم يستغلون لهفتنا وتسرعنا في تصديق المعلومة ، وهم يحتكمون على مطابخ إعلامية متمكنةٍ وخبيثه ، وكذلك إمكانات مادية هائلةٍ ، ولذلك فهم يفبركون في سيل المعلومات المتدفقة إلينا ، ويجتهدون لشرذمة صفوفنا لتفكيكها وبث الإحباط فيها ، ونحنُ لم نتّعظ ! إذ ما انفكّ تعاطي معظمنا مع المعلومة وتعميمها بتسرع وسذاجة غالباً ، وعلينا كجنوبيين أن نتحلّى بقدرٍ من الحرص والمسؤولية في هذا المضمار ، وأن لانتحوّل الى متلقيين سلبيين ، أو ببغاوات تُردد وتلوك الغثّ مع السمين .. أليس كذلك ؟!

✍ علي ثابت القضيبي .