كتابات وآراء


الأربعاء - 03 يوليه 2019 - الساعة 11:27 م

كُتب بواسطة : بدر قاسم محمد - ارشيف الكاتب


من بين ادعائي الافلاطونية الفكرية يتسلل اقتناعي بعدالة الفكرة المجتمعية " وليس العقدية " المحافظة جنوبا , من جزئية التمكين على الأرض , الأرض المهدورة من شعبنا الجنوبي بكلتا يدا اعتناقه الفكري " الإنساني و العقدي " , فالإنساني الحديث الذي صعد على انقاض العقدي التاريخي في الجنوب وكراهة فيه نفاه خارج أسوار العقل الجنوبي على هيئة : نضال الطبقات الكادحة الانفتاحي ضد الطبقة البرجوازية المحافظة , هذه الأداة الثورية النافية للبرجوازية هي ذات الأداة الباخسة حق الجنوبيين الأقحاح في التمكين على أرضهم , لقد بدت الأداة الثورية زاهدة في المادة وفي التمكين , وكأنها نافية لذات الجنوب الأصيلة وهي تتعاطى الفكرة اليمنية الوحدوية وتستقبل بحماس وحرارة منقطعة النظير الوفود البشرية الشمالية وتستبدل ,على حساب ذاتها التاريخية, التمكين البرجوازي المنفي باخر تمكين ديموغرافي وافد , و تصنع بمحض إرادتها في حواضر مدنها كعدن و أبين و لحج , تغييرا ديموغرافيا هاهو اليوم ينفي التاريخ و الجغرافيا الجنوبية ويجتهد ليثبت صوابية واحدية اليمن !, بدلالة القول : ها أنا ذا , كثيرٌ مني هنا ! .. , ديموغرافيا لاتجرؤ على القول حتى : عريقٌ مني هُنا . , فالمنطق اليمني الوحدوي أعتمد منذ وقت مبكر على المثل العربي القائل : الكثرة تقلب الشجاعة , حتى في حربه التي شنها على الجنوب في صيف 1994م دفاعا عن ما أسماها بالوحدة اليمنية !.

فالعراقة هي اخر المعايير التي من الممكن ان تقوم عليها الوحدة اليمنية , خصوصا و يمن اليوم يعج بخلائط من الأعراق و السلالات , فإن تعود صنعاء اليوم إلى قبضة العرق السلالي الهاشمي ذي الأصول الغير يمنية , وليتها كانت عودة ديموقراطية بمواطنة متساوية ! , بل عودة تسلطية بقوة الحديد والنار ترتكز على كعبها السلالي العالي النافي تماما للمواطنة اليمنية المتساوية .

لا اعتقد ان اليمن التاريخي هو هذا اليمن الذي نراه و تحدث عنه بعض الإخوة الشماليين وعن اصالته التاريخية , ربما المكان الجهوي " اليمن " هو المكان لكن لا اعتقد ان الزمان هو الزمان و ان الإنسان اليمني هو الإنسان اليمني الذي يقصدون .. وستصدم أكثر اذا ماعلمت ان حاكم صنعاء الغير يمني هو أول من سعى ,دونا عن اليمنيين كلهم, إلى تذييل اسم مملكته المتوكلية بالصفة " اليمنية ", وكأن ذاته الغير يمنية أوجست خيفة فتغطت بهذا الدثار الجهوي الفضفاض " اليمن " , وللأمانة التاريخية لأنها تعلم انه دثار فضفاض وصفت دولتها ب "اليمنية" وصفا تمييزيا لهاشميتها و تعدديا ليمنيتها الغير ملزمة لأحد .. ما استجد بعد ذلك ان " يمنية " الهاشمي الأولى لم تكن كيمنيته الثانية , لقد صارت فكرة امبريالية توسعية .. ياللعجب!.

ربما كانت عراقة اليمن مهدورة منذ زمن أبعد من عراقة الجنوب المهدورة حديثا , العراقة الجنوبية التي نعلم ان من أهدرها ,على حساب نفسه, هو الجنوبي نفسه لحظة اعتناقه أفكار سياسية جياشة زاهدة بالمادة " التي من ضمنها الأرض " , غنية بالمعنوي اللاشيء الذي أورثنا " وحدة يمنية " من لا شيء يذكر تاريخيا !.

اليوم أنا و الإنسان الجنوبي غيري نرقب بقلق بالغ مستقبل أولادنا يتشكل , ونحن نشهد حالة ثورية جديدة تقودها تشكيلات عسكرية بمسمياتها المحلية الجنوبية الأصيلة نتطلع وكلنا أعين شاخصة إلى عودة التمكين الجنوبي في الأرض الجنوبية .. هذه الفكرة القومية المحافظة هي مستمسكي الوحيد من جملة المستهلك الثقافي الذي أتعاطاه بكثرة .. في هذه فقط :

أنا جنوبي رجعي , و رجعي جدا كمان !.

.................
بدر قاسم محمد