كتابات وآراء


السبت - 13 أبريل 2019 - الساعة 04:58 م

كُتب بواسطة : جمال ابو بكر السقاف - ارشيف الكاتب



تحررت عدن، وتنفس أهلها الصعداء، وتعالت صيحات الفرح، مشوبة بحزن فقدان أحبة، قضوا نحبهم دفاعا عن عدن، ومع ذاك انطلقت الاحتفالات، وتبادل الناس التهاني، مستبشرين بحال أفضل ومستقبلا أجمل، لكن الفرحة وئدت، والبسمة اغتيلت، من موتورين ماعرفوا معنى التضحية، ولاذاقوا ألم الفراق، ولا أحسوا بمعاناة الناس، فأمعنوا في الفوضى والفساد، فاغتالوا واعتقلوا وهجروا من قاوموا وصمدوا أمام العدوان.

وهانحن اليوم أمام فساد عريض، وسُعار محموم، يُكمل مسيرة تدمير عدن، ويسيء لها، ويشوه جمالها، ويطمس معالمها، ويشرع في زعزعة استقرارها؛ بالسطو على الأراضي والبسط عليها، والبناء عشوائيا بقوة السلاح، وبزي الأمن، أصبح السطو على الأراضي، والبسط عليها بعدن، ظاهرة مخيفة، وسعار محموم، لايبالي الباسطون بكارثة مايعملون، وبجرم مايقترفون، غير آبهين بتعاليم دين أو نظام أو أعراف، ولامكترثين لتضحيات قُدمت حفاظا لهذه الأرض من العبث والفساد.

- لقد جنوا على عدن وأهلها، فاستحقوا بذلك، بغضهم ونقمة المجتمع عليهم، إذ بأفعالهم، نشروا البغضاء والضغينة المفضية للفوضى والاقتتال بين أبنائها
، وتمزيق نسيجها
الاجتماعي.

- وشوهوا صورتها: فهم لايرعوون بالبناء على قارعة الطريق، أو في متنفس لأطفال، أو على موقع منشأة حكومية، كمشفى أو مدرسة، فشوهوا صورة عدن الجميلة، حتى يخيل إليك أنك في غيرها، لشدة تغييرهم لمعالمها جرآء ذلك.

- والناظر لحال الباسطين لايجد فيهم من دعته الحاجة والفقر لذلك العدوان والسعار، وإنما الجشع والطمع، والمزيد من جمع المال، ببيعها، فإذا باعها، انتقل لأخرى، فصارت مهنته وديدنه.

- لقد ارتكبوا جريمة في حق المقاومة: فتجدهم يبسطون على الأراضي، بلباس الأمن والمقاومة، مدعين استحقاقهم لذلك، كونهم من حمى البلد ودافع عنها، وليتهم صادقين في ذلك،

- والمتأمل جيدا في المسعورين بالأراضي، لايجد أحدا ممن كانوا في المقاومة الحقة، من اعتدى على حق أحد.

- ولنفترض أن من المسعورين من قاوم أو ادعى المقاومة، فلايحق له بحال، البسط والاعتداء على أراضي الغير، بتلك الدعوى، فالمقاومة لاتمنح صاحبها حصانة أو مكانة من خلالها يتعدى على حق الغير.

- فإذا كان المجاهد-وهو في ساحة القتال-
استحق النار بشملة أخذها، قبل استحقاقها، والإذن بها.
- فكيف بمن دونه؟
فعن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ. فُلاَنٌ شَهِيدٌ. حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و سلم: «كَلاَّ. إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ. فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا. أَوْ عَبَاءَةٍ»رواه مسلم.

- وعلى المشترين أن لايكونوا شركاء الفساد والفوضى، ولايستحوذ عليهم الطمع، ويستهويهم الكسب السريع،
فيتحروا مشروعية مايقدمون عليه، فهم مسؤولون عن أموالهم كيف اكتسبوها وأين ينفقونها.
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِىُّ فِى جَامِعِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لا تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ)

* وإنه لمن المعلوم أن المقاومة، قامت على الظلمة الذين أرادوا تحريف هوية عدن، وتخريبها، واستثمار أراضيها أملاكا خاصة وبيعا وشراء،
فكيف للمقاوم أو المواطن أن يرتكب ماحاربه، وقام ضده، لكن الأمر كما قدمت، هناك مرتزقة نفعيون مخربون، قاموا بدور من خشينا منهم وحاربناهم، بل أشد وأكبر.

- إن مثل هولاء حق على كل غيور، أن يقف أمامهم، ويمنع ظلمهم، دون النظر إلى مناصبهم أو قبائلهم أو مناطقهم، كل من موقعه ومنصبه ومكانته.
فالعبث والنهب والسطو، لا دين له ولا هوية.

- فإليهم أوجه هذه الكلمات، علها تجد آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وضمائر حية، ومعذرة إلى الله، ولعلهم يتقون:

١/ اتقوا الله وخافوا عقابه الله:
قال صلى الله عليه وسلم: (من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين). متفق عليه.
* قال الخطابي قوله: طوقه له وجهان:
أحدهما: أن معناه أنه يكلف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة،
الثاني: معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه. انتهى

٢/ اتقوا دعوات المظلومين:
روى الشيخان وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينهما وبين الله حجاب).
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه)حسنه الألباني.