كتابات وآراء


الأربعاء - 13 فبراير 2019 - الساعة 01:17 ص

كُتب بواسطة : حكيم الحسني - ارشيف الكاتب


قرأت ما سطره يراع صديقنا الأستاذ سعيد النخعي في الرد على الدكتور محمد جميح، في مناصحته للرئيس هادي حول مرحلة الغيبوبة السياسية التي يعيشها الرئيس هادي، وما سببته من فشل ذريع في إدارة المرحلة الانتقالية التي جاء هادي على أساسها وأصبح رئيساً توافقياً فقط.

حيث شن أخونا سعيد على مقال الجميح هجوماً كاسحاً.. وأنه، بتعبيره، يقرأ كلاماً أدبياً خالياً من اللغة السياسية العتيقة المتمكنة من التحليل والفرز والاستنتاج، ولست أدري ما هي اللغة السياسية التي سيفهمها فريق الرئيس هادي حتى تتكشف لهم الحقائق.

لا أدري أي لغة تريدون لتبين مأساة الملايين الذين وصلوا إلى مستوى تحت خط الفقر وأصبحوا في الدولة الراشدية الهادوية يأكلون من أوراق الأشجار وما تبقى من الأطعمة في القمامات.

صديقي سعيد، ما تكلم به الجميح ليس أسلوباً أدبياً، بل لقد وضع كثيراً من الحقائق والملفات الواقعية.

فأي أسلوب أدبي في تصرفات لها نتائج كارثية في الواقع يشاهدها ويعيش مرارتها الجميع.. وكأن الجميح حدثنا عن خيال نسجه من خيالاته ولم يكن للواقع له نصيب، بالعكس ما افترضته أنت أخي سعيد أن كل هذا الفشل لا يتحمله هادي بل المنظومة التي حوله هو عين الخيال والغيبوبة عن الواقع، لأن الكل يعلم من هي المنظومة التي حوله والتي هي اليوم ترسم سياسة هادي ومواقفه وقراراته.

بالله لا تحدثني عن مؤسسية هادي والتوافق السياسي الذي يدير البلد به، لأن الكل يعلم أن كثيراً من مستشاريه لا يستشار ولا يعلم كيف تدار الأمور، لأن هادي مختطف من شلة هو صنعها حوله، وبسبب هذه المنظومة يدير هادي المعركة مع كل الأطراف.

أخي سعيد، الرئيس هادي رجل طيب، وصدقني سينصت للأصوات الصادقة.. لكن أقول لكم ابتعدوا عن هذا الأسلوب المبرِر والمتفنن في الترويج للضعف والفشل أنها حنكة سياسية وتستميتون في الدفاع.

الرجل (هادي) ربما هناك نوازع خير في داخله لا تدمروها بطريقتكم هذه.. لا تعينوا الشيطان على هادي بأن تصوروا له كل نقد أنه قبيح وأنه هدفه طلب دنيا أو جاه.. ما يحتاجه هادي اليوم هو صدق محمد جميح وجرأته في طرح الأمور في نصابها وليس وضع بهارات لوضع شائك، وشائك للغاية. البلد سقط في أوحال الفساد والخراب، وأنت ومن على شاكلتك لا تريدون أن تحملوا الطرف المسئول عن كل هذا الدمار.

أخي سعيد، ستظل قناعاتي التي لن أتزحزح عنها أن هادي سبب رئيس وكبير في هذا الواقع الفاشل، ولو صلح هذا السبب لاختفت كثير من الكوارث التي نشاهدها. ما طرحه الجميح كلام حقيقي وواقعي وقد أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى كثير من هذا الفشل، وإلا قولوا أيضاً الأمم المتحدة غير مستوعبة الوضع بمنظماتها ومؤسساتها.

الأولى لهادي أن ينصت لهذه الأصوات الصادقة التي تنصحه وتبين له عيوبه، أولى من الأصوات التي تبرر له نكباته وضعفه، وتصور أن كل نقد ونصح دافعه شخصي، وهذا ما كان يسير عليه عفاش والفريق الذي حوله، فهادي اليوم لا يحتاج، يا أخي سعيد، لكل هذه البهارات لتبين لنا وتقنعنا أن ما وصلت الشرعية إليه هو بسبب المنظومة التي حوله، والماضي الأليم للعهد البائد الذي ورثه هادي، وأن سبب فشله جنوبيته، حيث جاء من واقع مختلف، لأن السؤال البسيط لك ولأمثالك من المستميتين: من صنع هذه المنظومة؟ ومن أعاد هذه الشلل بعد أن أسقطتهم الحرب واختفوا عن المشهد طيلة أيام الحرب، ثم بدأت هذه الشلل بالعودة بعد دخول هادي إلى عدن، فوجدت الملاذ الآمن وعادت للواجهة، وتحالف فاسدو عفاش مع فاسدي العهد الجديد، عهد هادي، فأخرجوا لنا هذه الشرعية المعاقة المترهلة الرخوة.

وحتى أبين لك ما أريد أن أصل إليه، أوضح ما يلي:

- أن هادي رأس الحربة إذا صلح أداؤه ستُحل كثير من المشاكل لكل الأطراف.

- هادي لا يحتاج إلى مطبلين ومبررين ومزمرين، ولكن يحتاج إلى مناصحين وناصحين بكل الوسائل الخاصة والعلنية.

- من الخطأ استعداء هادي والمبالغة في عداوته والاعتقاد أن ذهاب هادي بهذا الوضع سيحل المشاكل، بل على العكس سيتعقد المشهد أكثر.

- أدعو الأخوة في المجلس الانتقالي إلى فتح قنوات مع الرئيس هادي والحرص على التواصل لترتيب بعض المسائل المشتركة في مناطق الاحتكاك، وليعلم إخواننا في الانتقالي أن التحالف بطرفيه يتعاملون مع هادي بمرونة شديدة لمعرفتهم بحجمه وخطورة استعدائه، فلا ينبغي للانتقالي أن يكون ورقة ضغط لغيره بعيداً عن مصالح قضيته.

- على هادي أن يستوعب جميع الأطراف الواقفة ضد الانقلاب، لأن معركته معهم واحدة، وبمن فيهم المجلس الانتقالي، حتى ولو اختلفوا معه فعلاً هناك من المشتركات بينهم ستزيل مسافة الخلاف، فالخلاف الكائن بين الطرفين أصبحت نتيجته كارثية في المناطق الجنوبية.

- ليس بيني وبين هادي عداوة شخصية، ولكن أنا لست مناطقياً ولا متعصباً وأترفع أن أكون في هذا الخندق، ولذلك أدعو الجميع التجرد لمصلحة الوطن والمواطن، لأن الوضع لا يحتمل النفاق والتخندق والتبرير، ولا المبالغة والجحود، فالوسط

هو العدل.

والله من وراء القصد