كتابات وآراء


الجمعة - 18 يناير 2019 - الساعة 10:04 م

كُتب بواسطة : قاسم المحبشي - ارشيف الكاتب


أن مكانة الفلاسفة فى التاريخ أعظم بكثير من مكانة الملوك والسياسيين والفاتحين، فالإسكندر المقدونى، ذلك البطل الفاتح الذى مات بعد أن قلب الدول وغزى الأمصار وضم الشعوب، لم تعرف له الدنيا نظريا فى العصر القديم، ولكن ماذا بقى اليوم من أعماله ومحاولاته، أما أرسطو مربى الإسكندر فقد ظل معلم الإنسانية أكثر من ألفى سنة . وما زلنا نجد إلى يومنا هذا من الشعراء والخطباء من يلتمسون عنده قواعد فنهم كما نجد من السياسيين والأخلاقيين من يطلبون عنده أصول الحكم ومبادئ الأخلاق .

وأى سياسى فى التاريخ الحديث يمكن أن يقارن بالوزير الفرنسى "إيشلو" ذلك السياسى الموهوب الذى استطاع أن يقيم نفسه فى أوربا حاكما بأمره، يتصرف فى السلم والحرب كما يشاء، واستطاع أن يقضى على نظام الأرستقراطية الفرنسية، وأن يغلب المذهب البروتستانتى وأن يدل ملوك النمسا، وأن يرعى نهضة العلوم والآداب . لكن مع هذا لا يستطيع أن ننسب إليه أنه مهد للمستقبل مقدار ما مهد له ذلك الفرنسى الآخر "ديكارت" الذى استطاع – إبان حملة حربية من حملات الشتاء فى حجرة دافئة، وفى عزلة عن لجب المدن والمعسكرات – أن يكتب صفحات خالدة أعلن فيها أن ماهية النفس هى الفكر، وأنه لا ينبغى للمرء أن يقبل شئ قط على أنه حق ما لم يتبين له ببداهة العقل أنه كذلك، وأن العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس .. لقد أصبح المقال فى المنهج "دستورا للفكر الجرئ وأضحى ديكارت أبا للثورة الإنسانية الكبرى.
وفِي الحضارة العربية والإسلامية خلد التاريخ اسماء وأفكار الفلاسفة امثال :
الكندي والفاربي وابن سينا والغزالي وابن طفيل وابن رشد وابن خلدون وغيرهم ولم يتذكر الحكام والسياسيين الكثر الا ما ندر .