كتابات وآراء


الإثنين - 03 ديسمبر 2018 - الساعة 10:34 م

كُتب بواسطة : عيدروس النقيب - ارشيف الكاتب


المقصود هنا حزب المؤتمر الشعبي العام الذي صنعه علي عبد الله صالح في أغسطس من العام 1982م، وظل رديفا لاسمه وأداته الرئيسية في تمرير السياسات التي اتبعها الرجل على مدى ثلث قرن، والتي قامت على الفساد والتسلط والاستبداد والتلاعب بكل شيء، من توزيع الثروة والعبث بها إلى تقسيم المناصب وتدويرها بين المقربين واستخدامها للرشوة وشراء الولاءات إلى إشعال الحروب واستثمارها لبيع الأسلحة على المتحاربين وتسخير ثروات البلد وما أكثرها، لتكديس المليارات واستثمارها في الخارج للإفلات بها من مساءلة الشعب وغيرها من سياسات الرقص على رؤوس الثعابين.
هذا الكيان السياسي الذي ظل أنصاره وقياداته يسوقونه على أنه أقوى الأحزاب اليمنية يعيش منذ ست سنوات حالة من الشتات والتفكك منذ اندلاع الثورة الشبابية السلمية في العام 2011م ، وقد وقف الكثيرون من النواب والقادة المؤتمريين في صف الثورة لكنهم توقفوا في نصف الطريق ولم يستمروا في ثورة جذرية تستأصل الفساد والظلم والاستبداد، بل اكتفوا بمضمون المبادرة الخليجية التي أعدها صالح نفسه، وعندما نُصِّبَ المشير عبد ربه منصور هادي رئيساً انتقالياً انتقل هؤلاء جميعاً إلى صفه وهو موروث يمني معروف يلخصه العامة في المثل السائد "من تزوج امنا هو عمنا"، أما الجزء الغالب من المؤتمر فقد وقف في صف صالح ومنهم قيادات عليا انتقلت بعد انقلاب (الحوثي ـ صالح) إلى صف الرئيس هادي.
وبعد مقتل الرئيس السابق صالح ازداد الشتات شتاتاً حيث انقسم أنصار صالح إلى ثلاث مجموعات، الأولى تسللت خلسةً لتلتحق بالشرعية، مع احتفاظها بالتباكي على صالح ومحاولة شطب خطأه التاريخي بتحالفه مع الحوثي وما أدى إليه من كوارث، دعك من جرائمه التاريخية التي ارتكبها على مدى ثلث قرن في حق الشمال والشماليين وفي حق الجنوب والجنوبيين على وجه الخصوص، التي يعتبرها هؤلاء إنجازات يتغنون بها آناء الليل وأطراف النهار، والمجموعة الثانية بقيت في صنعاء ولم تتردد في إعلان ولاءها لجماعة الحوثي ومجلسه السياسي ولجنته الثورية واستمرار أفرادها في العمل في أجهزة السلطة الحوثية وبين هؤلاء أمينان عامان مساعدان لمؤتمر جناح صالح، والمجموعة الثالثة تتوزع بين أرياف اليمن وسلطنة عمان والقاهرة وأبو ظبي وهؤلاء لم يقر الكثير منهم بشرعية الرئيس هادي وإن أعلنت تضررها من الحوثي ورفضها لسياساته.
ما لفت نظر الكثيرين هو ما تعرض له رئيس الوزراء المقال د. أحمد عبيد بن دغر في منشوره الأخير بعنوان "سنة من الشتات والفرقة تكفي" والذي تناول فيه بعاطفة شديدة مقتل الرئيس صالح وحصر شتات المؤتمر وتفككه في سنة واحدة فقط بعد مقتل صالح والزوكة، وهو ما يعني أن المؤتمر بالنسبة لبن دغر، وهو القيادي المؤتمري الأبرز ممن التحقوا بصف الرئيس هادي، هو ذلك الذي في صنعاء ولا قيمة له وللمؤتمريين الذين يقفون في صف الرئيس هادي منذ ست سنوات، كما يعني أن الانسلاخ الذي جرى منذ 2011م وما بعده لا يمثل تفرقاً ولا شتاتاً لكوادر وأعضاء المؤتمر.
لن أتناول ما تعرض له بن دغر من عبارات كررها مئات المرات منذ التحاقه بموكب صالح في سبتمبر 2006م عن وحدوية وجمهورية ووطنية وجماهيرية المؤتمر وأعضائه فذلك لا يختلف عن موقف العاشق الولهان الذي يتغنى بحبيبة دفنت تحت الثرى وما يزال يعتقد بإمكانية انبعاثها مرة أخرى بعد أن أهال الجميع عليها التراب.
لربما يكون لموقف بن دغر هذا صلة بما يتسرب عن رغبته في رئاسة حزب المؤتمر ومنافسة الرئيس هادي عليها، لعل هذا يؤهله لوراثة الرئيس هادي بعد عمر طويل، خصوصا بعد أن أزيح (الرجل) من رئاسة الوزراء وأحيل إلى التحقيق وتلك قضية تتداخل فيها الكثير من الملابسات والضبابيات التي لا بد أن يسفر عنها قادم الأيام.
_____________
* من صفحة الكاتب على فيس بوك