كتابات وآراء


السبت - 15 أبريل 2017 - الساعة 10:54 ص

كُتب بواسطة : مروان الجوبعي - ارشيف الكاتب


تخيل إنك أحد سكّان عدن وتقوم الصباح معك مريض حالته خطيرة جدا ضروري توديه المستشفى .. تحرك سيارتك وعند وصولك للخط الرئيسي قدام مبنى الأمن تحصل العيال متحملين الار بي جي والأسلحة الرشاشة ولا كأنهم في الجبهة أيام ما كانت عدن في حالة حرب .. تتجاهل هذا المشهد قائلا "ماليش علاقة يسدوا" تتعداهم ولا تلقي لهم بال .. لا شيء في بالك إلا المريض الذي بين يديك ومصيره مرهون بالوقت الذي ستصل به ولأن الحالة خطيرة إلى درجة تجعلك تفقد أعصابك وتقول "يلعن عاره هذا الوطن اللي مكانكم تتناوشوا عليه وما تركتم لنا فرصة لنعيش بسلام بعيدا عن جنانكم"

تزيد تندع الأمن والمسلحين عرعره و "طز"فوق البيعة وتقول أهم من هذا كلها المريض .. المريض الذي سيفنى بين يدي إن لم أصل بالوقت المطلوب .. بعدها تمشي عدة أمتار وتحصل قلابات وشيولات وخلاطات وعيال معصّرين بالجعب والأسلحة .. أول ما تشوفهم يصبوا الخرسانة من الخلاطات وينفلوا الكري والرمل من القلابات تقول"هذه الأيام عمال الصبات ما يتحركوا إلا بالأسلحة أيش قصتهم؟" ثم تضيف "يلعن عارها وزارة الأشغال العامة ما حصلت تصلّح جسر إلا اليوم وفوق هذا تقطع الطريق علينا وما تترك لنا حتى منفذ بديل .. لا لا دي مخناثه" تترجل من سيارتك تسأل أول شخص تجده أمامك "أيش معهم يعملوا جسر؟"

يضحك

"هههههههه الجماعة قاطعين الطريق"

"ليش قاطعينها؟"

"يقولوا معهم سجناء"

تصكعهم اير بطيبة نفس وتقول "ما ذكروا سجنائهم إلا اليوم .. يوم عندي مرض!"

تركب سيارتك وأنين المريض يوجّع قلبك ويحرق كبدك وعليها تقرر إن تلجأ لطريق آخر في محاولة لإنقاذه .. مازال لديك أمل بوجود منفذ آخر يمكنك العبور منه والوصول بالوقت المناسب إلى المستشفى .. ولكنك تكتشف بالأخير إن محاولتك هذه تبوء بالفشل وتجد الخلاطات والقلابات والعيال شغالين رف وفوقها كفرات وحراق وقنص من سطوح العمائر .. هنا ما يحتاج إن تسأل قدك خبره ولكن أحدهم بدون ما تسأله حينما شافك قال"يييه فين رايح؟ أرجع هكذا العيال قطعوا الطريق لأن الحكومة ما جابت لهم رواتب"

هنا تزبجهم إير عالمي هم والحكومة "لكم سنوات بلا رواتب ما ذكرتم إلا اليوم .. والحكومه تهرب الفلوس بالمليارات إلى صنعاء وما تعطيهم" لكنك بالوقت نفسه تتذكر إنهم قالوا لك عند الطريق الأولى إن قضيتهم سجناء فتسأل "أيش المناسبة تحركوا مع بعض أصحاب الرواتب والسجناء؟ هذه مخناثة ... أنا ومريضي أيش لنا من ذنب بقضاياهم؟"



المهم وبعد كل هذه المعانة تفشل بالوصول إلى المستشفى المتخصص بالمرض الذي أصاب مريضك عندها وأنت حزين على ما أصابك وتنتظر الفرج لتصل إلى المستشفى فتتابع الأخبار لعل وعسى .. حينها تجد اللغط حول الأحداث منهم من يحلل إن هذه الأحداث مرتبطة بالضربة الأمريكية القادمة لكوريا الشمالية وآخر يقول إنها حرب بين الإمارات والسعودية على الأراضي العدنية وغيره يقول إن إيران لها ذراع بالحدث وهناك من يقول إن الأمر متعلق برواتب وهناك من يتحدث عن سجناء ووووو إلخ وبعد كل هذا الهرج والمرج يطلع لك مدير عام مديرية خور مكسر (عوض مشبح) يوضّح ما حدث قائلا:"إن العيال عملوا كل تلك الزوبعة بخصوص كفتيريا"

في هذه الحالة كيف يُمكن إن تمسك أعصابك؟

في هذه الحالة بدون تردد ستذهب تفجّر كل الأكشاك والمتعلقات بكورنيش الخور التي بسطوا عليها العيال وجالسين يطلبوا الله وعوض مشبح يوقع لهم عقود